فوائد حديبث : ( ... سمعت ابن الزبير يخطب يقول : قال محمد صلى الله عليه وسلم : من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) و جميع ألفاظه . حفظ
الشيخ : طيب، مثل هذا الوعيد في هذا الحديث والذي قبله، هل المراد أنه لن يدخل الجنّة؟ أو المراد أنه وإن دخلها لم يتحلى به أو لم يلبسه؟ في هذا قولان لأهل العلم، فمنهم من قال إن المعنى: ( لم يلبسه في الأخرة ) أي لم يدخل الجنّة، لأنه إذا دخل الجنّة لبسه كما قال تعالى: (( وَلِباسُهُم فيها حَريرٌ )) فلما نفى ما يلزم من دخول الجنّة دل ذلك على نفي الملزوم وهو الدخول.
ومنهم من قال: بل يدخل الجنّة ولكنه لا يلبسه.
وأيا كان المعنى فإن هذا من باب الوعيد الذي قد يرتفع حكمه عن الإنسان إذا تاب الله عليه، لقول الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ )) .
وفي هذا الحديث حديث ابن الزبير إشكال وهو قوله: " قال محمد صلى الله عليه وسلّم " أو خطب يقول " قال محمد صلى الله عليه وسلم " والصحابة كانوا يعبّرون فيقولون: قال رسول الله، وقد قال الله تعالى (( لا تَجعَلوا دُعاءَ الرَّسولِ بَينَكُم كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضًا )) ، وفيه تفسيران:
أحدهما: أن لا تجعلوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام كأمر غيره، إذا دعاكم لشيء تسوّغون لأنفسكم عدم الاستجابة، بل إذا دعاكم فأجيبوه. وعلى هذا فيكون دعاء الرسول من باب إضافة المصدر إلى فاعله.
وقيل المراد دعاء الرسول أي دعاءكم إياه، لا تجعلوا دعاءكم إياه كدعاء بعضكم بعضا فلا تقولوا يا محمد كما يقول بعضكم لبعض يا محمد.
أما على الأول فلا إشكال في كلام عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وأما على الثاني ففيه إشكال.
والجواب عنه أن يقال إن هناك فرقا بين الدعاء والخبر، فالدعاء أن تدعوه فتقول: يا محمد، هذا منهي عنه، الخبر أن تقول: قال محمد، هذا جائز، والصحابة كانوا يستعملون هذا، مثل قول أبي هريرة فيمن خرج من المسجد بعد الأذان: " أما هذا فقد عصى أبا القاسم " صلى الله عليه وسلم، وقول عمار: " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم " صلى الله عليه وسلم، فباب الخبر ليس كباب الدعاء. نعم.