فوائد حديث : ( ... عن البراء رضي الله عنه قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجب منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من هذا قلنا : نعم قال : مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا ) حفظ
الشيخ : في هذا دليل على جواز إهداء الحرير للرجل، ولكنه لا يلزم من إهدائه له أن يلبسه، إذ قد يعطيه المرأة أو يعطه أخا له مشركا أو كافرا كما فعل عمر رضي الله عنه حين أهدى إلى أخيه المشرك في مكة ثوبا من حرير.
وفيه دليل على أن سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو سيد الأوس في الجنّة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ( مناديل سعد بن معاذ في الجنّة خير من هذا ) فيُشهد إذن لسعد بن معاذ بأنه من أهل الجنّة. وقد مر علينا في العقيدة في التوحيد أن الشهادة بالجنّة نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة أن تشهد لعموم المؤمنين أو لعموم المتقين أو لعموم المحسنين بأنهم في الجنّة. والخاصة أن تشهد لشخص بعينه بأنه في الجنّة.
وكلا النوعين لا تجوز الشهادة به إلا إذا ثبت ذلك في الكتاب أو السنّة، سواء المعيّن أو العموم.
ومثل ذلك أيضا الشهادة، الشهادة تنقسم إلى قسمين: عامة، وخاصة. فالشهادة العامة أن تشهد لكل من قتِل في سبيل الله بأنه شهيد، هذه عامة. والخاصة أن تشهد لشخص بعينه فتقول فلان شهيد. الأولى جائزة وإلا غير جائزة؟ جائزة لأن الله تعالى قال: (( وَالشُّهَداءُ عِندَ رَبِّهِم لَهُم أَجرُهُم وَنورُهُم )) ، وقال: (( وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتًا بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ )) فهذه عموما، نشهد به لكل شهيد قتل في سبيل فهو في الجنّة، طيب أو فهو شهيد.
والخاصة لا نشهد بها لأحد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو قتل في المعركة اليوم ما نشهد له بأنه شهيد لأننا لا نعلم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله، والله أعلم بمن يُكلم في سبيله ) أي بمن يجرح، ( إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم والريح ريح المسك ) فاستثنى الرسول عليه الصلاة والسلام وقيّد وقال: ( الله أعلم بمن يُكلم في سبيله ) وذلك لئلا نتجرأ على كل واحد فنقول إنه شهيد، ولهذا خطب عمر رضي الله عنه وقال: " إنكم تقولون في مغازيكم فلان شهيد فلان شهيد، ولعله يكون قد وقّر رحله " يعني من الغنيمة وغل، " ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد ) " ، على سبيل العموم. لكن مع الأسف الأن أن الشهادة بالشهادة صارت رخيصة جدا، أرخص من العدس، نعم، حتى إن الرجل الذي نعلم أنه قتل حمية يقال إنه شهيد، وهذا لا شك أنه خطأ لأنك ستُسأل عن هذه الكلمة يوم القيامة،ستُسأل، كل كلمة تصدر منك فأنت مسؤول عنها، فإذا قتل رجل في جهاد إسلامي فإننا لا نطلق عليه بأنه شهيد ولكن نقول نرجو أن يكون شهيدا أو من الشهداء أو ما أشبه ذلك. نعم.