قراءة بحث في صفة عيسى عليه السلام . حفظ
الطالب : بسم الله الرحمان الرحيم الذي عليه نتوكل وبه نستعين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى ءاله وصحبه أجمعين، أما بعد، فهذا بعض ما قمت بجمعه في صفة عيسى عليه السلام.
روى البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء باب قول الله تعالى: (( وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا )) .
قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال أخبرني هشام، عن معمر ... ، وحدثني محمود ... ، قال حدثنا عبدالرزاق، قال أخبرني معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم.
الشيخ : اللهم صلي وسلم عليه.
الطالب : ليلة أسري به: ( لقيت موسى، قال: فنعته، فإذا رجل - حسبته قال - مضطرب رجِل الرأس، كأنه من رجال شنوءة ) قال: ( ولقيت عيسى ) فنعته النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ( ربعة أحمر، كأنه خرج من ديماس - يعني الحمام -، ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به ) .
فقال: حدثنا محمد بن كثير، قال أخبرنا إسرائيل، قال أخبرنا عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلّم: رأيت عيسى وموسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى، فآدم جسيم سبط، كأنه من رجال الزط ) .
وقال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال حدثنا أبو ضمرة، قال حدثنا موسى، عن نافع، ... عبد الله: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال، فقال: إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل ءادم، كأحسن ما يُرى من أدم الرجال، تضرب لمّته بين منكبيه، رجِل الشعر، يقطر رأسه ماء ) الحديث.
وفيه أيضا: ( ثم رأيت رجلا جعدا قططا أعور العين اليمنى، كأشبه من رأيت بابن قطن، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال ) . تابعه عبيد الله، عن نافع.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد المكي، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، قال: حدثني الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: ( لا والله ما قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعيسى أحمر، ولكن قال: بينما أنا نائم أطوف بالكعبة، فإذا رجل ءادم، سبط الشعر، يُهادى بين رجلين، ينطف رأسه ماء، فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم، فذهبت، فإذا رجل أحمر جسيم، جعد الرأس، أعور عينه اليمنى ) الحديث. ... الدجال.
الشيخ : نعم.
الطالب : ووجدت في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة ..
الشيخ : بدْء، بدْء الخلق.
الطالب : في كتاب بدْء الخلق باب ذكر الملائكة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما، هو في سند ... ، عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما ... النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ( رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا ءادم طوالا جعدا، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلا مربوعا، مربوع الخلق، إلى الحمرة والبياض، سبِط الرأس ) .
الشيخ : سَبِطَ.
القارئ : ( سبط الرأس ) فما تجمّع في ذكر وصف عيسى عليه السلام أنه ربعة وأحمر من رواية أبي هريرة، وأنه أحمر جعد عريض الصدر من رواية عن مجاهد عن ابن عباس، وءادم رجِل الشعر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وءادم سبط الشعر سالم عن ابن عمر، ومربوع الخلق إلى الحمرة والبياض وسبط الرأس أبي العالية عن ابن عباس.
وذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح تعليقا على قوله: ( كأنما خرج من ديماس ) أن المراد بذلك وصفه بصفاء اللون ونضارة الجسم وكثرة ماء الوجه، حتى كأنه كان في حمام فخرج منه، وقال: وهو محتمل يُراد به الحقيقة لرواية ابن عمر: ينطف رأسه ماء ويقطر رأسه ماء، ويحتمل أنه كناية عن مزيد نضارة وجهه ويؤيّده رواية أبي هريرة عند أحمد: يقطر رأسه ماء وإن لم يصبه بلل.
وقوله: رجِلُ الشعر أي دهنه وسرّحه، وقد ذكر في رواية سالم أنه سبِط الشعر، وفي رواية ابن عباس جعد، والجعد ضد السبِط، فيُمكن أن يُجمع بينهما بأنه سبط الشعر ووصفه لجعودة في جسمه لا شعره، والمراد بذلك اجتماعه واكتنازه. وهذا الاختلاف نظير الاختلاف في كونه ءادم أو أحمر.
والأحمر عند العرب الشديد البياض مع الحمرة، والآدم الأسمر، ويمكن الجمع بأنه أحمر لونه بسبب كالتعب وهو في الأصل أسمر.
ثم قال: وقد وافق أبو هريرة على أن عيسى أحمر فظهر أن ابن عمر أنكر شيئا حفظه غيره، وأما قول الداوودي إن رواية من قال ءادم أثبت فلا أدري من أين وقع له ذلك مع اتفاق أبي هريرة وابن عباس على مخالفة ابن عمر. وقد وقع في رواية عبد الرحمان بن ءادم عن أبي هريرة في نعت عيسى: إنه مربوع إلى الحمرة والبياض.
وبالنسبة للقسم الذي وقع من ابن عمر قال ابن حجر: وقد تقدّم البيان الجمع بين ما أنكره ابن عمر وأثبته غيره، وفيه جواز اليمين على غلبة الظن لأن ابن عمر ظن أن الوصف اشتبه على الراوي وأن الموصوف بكونه أحمر إنما هو الدجال لا عيسى وقرب ذلك أن كلا منهما يقال له المسيح، وهي صفة مدح لعيسى وصفة ذم للدجال كما تقدّم، وكأن ابن عمر قد سمع سماعا جزما في وصف عيسى أنه ءادم فساغ له الحلف على ذلك ..
الشيخ : الحلِف.
القارئ : الحلِف على ذلك لما غلب على ظنه أنه من وصفه بأنه أحمر واهم.
أما النووي فقد قال في شرح مسلم كتاب الإيمان الجزء الثاني: " فيجوز أن يتأوّل الأحمر على الآدم، ولا يكون المراد حقيقة الأدمة والحمرة بل ما قاربهما والله أعلم " .
وفي شرح القسطلاني قال في الحديث الذي في بدء الخلق في قوله: ( إلى الحمرة والبياض ) " لم يكن شديدهما " .
وقال في كتاب الأنبياء: " فأما عيسى فأحمر أي اللون وهو عند العرب شديد البياض مع الحمرة " .
وأيضا في عمدة القاري يعني ذكر ما تقدّم ... .
الشيخ : والله الأقرب والله أعلم أن سمرته ليست شديدة وحمرته ليست شديدة فيكون بينهما، فمن أطلق أنه أحمر فلقربه من الحمرة، ومن أطلق أنه ءادم فلقربه من السمرة، وهذا أحسن من قول ابن حجر رحمه الله: لعله طرأ له ما جعله يحمرّ وجهه، فإن الأصل خلاف ذلك. نعم؟