فوائد حديث : ( ... فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور ) حفظ
الشيخ : الشاهد قوله: " والمصوّر " . وقوله: فقال ( إن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن ثمن الدم ) كأن أبا جحيفة رضي الله عنه جعل من ثمن الدم الأجرة على استخراجه فإن الحجام ليس يأكل الدم ولا يشرب الدم وإنما يستخرجه، ومعلوم أن ما فسّره به أبو جحيفة رضي الله عنه خلاف ظاهر اللفظ فإن ظاهر اللفظ أن يكون الثمن عوضا عن الدم، والدم ربما يُشترى بالثمن فإن الدم في الجاهلية يؤكل كما يؤكل اللحم فيُشترى كما يشترى اللحم لكن ما ذكره أبو جحيفة رضي الله عنه قد يُخالف ما فعله النبي صلى الله عليه وسلّم فإن النبي صلى الله عليه وسلّم احتجم وأعطى الحجام أجره، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " لو كان حراما لم يعطه " وحينئذ يكون الحديث مقدّما على ما فهمه أبو جحيفة رضي الله عنه، أو يقال إن المراد بالنهي هنا نهي الكراهة لا نهي التحريم لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لا يُقرّ على محرم، وإعطاؤه الحجام أجره إقرار له على أخذه الأجر.
وأما بقية الحديث فقد مرّ علينا في بلوغ المرام، ومرّ علينا أيضا ءاكل الربا وموكله قريبا.
وقوله: " المصور " هل المراد المصوّر بعينه أو المراد بوصفه؟ نقول إذا رأيت شخصا مصوّرا تقول أنت ملعون، لا بأس أن تقول له أنت معلون إذا رأيته يصوّر ولكن على سبيل الخبر بأن تقول فلان ملعون لا، إنما تأتي بالعموم كل مصوّر فهو ملعون، أما حين مباشرته للفعل فلابد أن ينطبق عليه الوصف وهو اللعن لكن مع هذا الأحسن عدم ذلك، لأنك ربما لو قلت أنت ملعون أو لعنك الله ربما تنفره فلا يسمع منك موعظة، وكل شيء ينفّر ويمكن العدول عنه فهو أحسن، وحينئذ ممكن أن تقول له: إن النبي صلى الله عليه وسلّم لعن المصوّرين، وإنك إذا صوّرت انطبقت عليك هذه العقوب فاتق الله في نفسك واحذر هذا العمل وما أشبه ذلك. نعم.