قراءة من زاد المعاد لابن القيم عن موضوع العين وعلاج المصاب بها . حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين.
" قال المؤلف رحمه الله تعالى: فصل في هديه صلى الله عليه وسلّم في علاج المصاب بالعين ".
الشيخ : صلي وسلم عليه.
القارئ : " روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ".
الشيخ : اللهم صلي وسلم عليه.
القارئ : " ( العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ) ، وفي صحيحه أيضا عن أنس، ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم: رخّص في الرقية من الحمة والعين والنملة ) ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: العين حق ) " .
الشيخ : الحمة يعني؟
الطالب : العقرب.
الشيخ : العقرب وشبهها من ذوات السموم، والعين هي التي نحن فيها، والنملة هي قروح يعني من الأمراض الجلدية تكون في الجلد كأنها النملة تمشي على الجلد. أي نعم.
القارئ : " وفي سنن أبي داوود عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين ) ، وفي الصحيحين عن عائشة قالت: ( أمرني النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمر أن نسترقي من العين ) . وذكر الترمذي من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عروة بن عامر، عن عبيد بن رفاعة الزرقي " ..
الشيخ : طيب ( أمر أن نسترقي من العين ) ، انتبهوا لهذا اللفظ، ( نسترقي من العين ) فيكون هذا مخصّصا لقوله: ( ولا ) ؟
الطالب : يسترقون.
الشيخ : ( يسترقون ) يعني نطلب من العائن أن يرقى المعين، أي نعم، فيكون هذا مخصّصا للعموم في قوله: ( ولا يسترقون ) لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم لا يمكن أن يأمر بشيء يُحرم فيه الناس أن يدخلوا الجنّة بلا حساب ولا عذاب. نعم.
القارئ : " أن أسماء بنت عميس، قالت: يا رسول الله إن بني جعفر " ..
الشيخ : أعد أعد وفي إيش؟
القارئ : " وذكر الترمذي من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عروة بن عامر، عن عبيد بن رفاعة الزرقي ( أن أسماء بنت عميس، قالت: يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم؟ فقال: نعم، فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين ) ، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروى مالك رحمه الله عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: ( رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ) "
.
الشيخ : مخبّأة.
القارئ : " ( ولا جلد مخبّأة، قال: فلُبِط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ) "..
الشيخ : لَبَط لَبَط، لَبَط.
القارئ : " عنيد ... لبط ".
الشيخ : بالضم؟
القارئ : " ... الضمة على اللام "
الشيخ : إيه لُبط يعني، غريب. نعم.
القارئ : " ( فلُبِط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ) "..
الشيخ : يعني لُبِط يعني أو لَبَط سقط على الأرض. نعم.
القارئ : " ( فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عامرا فتغيّظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه، ألا برّكت، اغتسل له ) " ..
الشيخ : ألَا ألَا.
القارئ : " ( ألَا برّكت، اغتسل له ) " ..
الشيخ : برّكتَ. نعم.
القارئ : " ( ألا برّكتَ، اغتسل له ) ، فغسل له عامر: وجهه ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صُب عليه، فراح مع الناس.
وروى مالك رحمه الله أيضا عن محمد بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه هذا الحديث، وقال فيه: ( إن العين حق توضأ له فتوضأ له ) .
وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه مرفوعا: ( العين حق، ولو كان شيء سابق القدر، لسبقته العين، وإذا استغسل أحدكم فليغتسل ) "
..
الشيخ : استُغسل.
القارئ : " ( وإذا استُغسل أحدكم فليغتسل ) ، ووصله صحيح.
قال الزهري: "
يؤمر الرجل العائن بقدح، فيُدخل كفه فيه، فيتمضمض، ثم يمجّه في القدح، ويغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل داخلة إزاره، ولا يوضع القدح في الأرض، ثم يصب على رأس الرجل الذي تصيبه العين من خلفه صبّة واحدة " .
والعين عينان عين إنسية، وعين جنية، فقد صح عن أم سلمة، ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها، فإن بها النظرة ) .
قال الحسين بن مسعود الفرّاء: وقوله: ( سِفعة ) أي: نظرة يعني: من الجن، يقول بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح.
ويُذكر عن جابر يرفعه ( إن العين لتُدخل الرجل القبر، والجمل القدر ) .
وعن أبي سعيد ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم: كان يتعوّذ من الجان، ومن عين إنسان ) .
فأبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجابا، وأكثفهم طباعا، وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها.
وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين، ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه وجه تأثيره "
..
الشيخ : وجهة. وجهته.
القارئ : " وإن اختلفوا في سببه ".
الشيخ : وجهته.
القارئ : " ... تأثيره. فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيّفت نفسه بالكيفية الرديئة ".
الشيخ : الحمد لله.
الطالب : ... .
الشيخ : يهديكم الله ويصلح بالكم.
القارئ : " فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيّفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوّة سمّية تتصل بالمعين، فيتضرر. قالوا: ولا يُستنكر هذا، كما لا يُستنكر انبعاث قوة سمّية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن.
وقالت فرقة أخرى: لا يُستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية، فتتصل بالمعين، وتتخلل مسام جسمه، فيحصل له الضرر.
وقالت فرقة أخرى: قد أجرى الله العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن لمن يعينه من غير أن يكون منه قوة، ولا سبب، ولا تأثير أصلا، وهذا مذهب منكري الأسباب ذو القوى والتأثيرات في العالم، وهؤلاء قد سدّوا على أنفسهم باب العلل والتأثيرات، والأسباب وخالفوا العقلاء أجمعين.
ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة، وجعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثّرة ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمر مشاهد محسوس، وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة، إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحيي منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه "
..
الشيخ : من؟ من؟
القارئ : " وقد شاهد الناس من يسقم من النظر " ..
الشيخ : من إيش؟
القارئ : " يسقم ".
الشيخ : يسقط؟
القارئ : " يسقَم أو يُسقم ".
الشيخ : إيه يسقَم.
القارئ : " وقد شاهد الناس من يسقَم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين يُنسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذًى بيّنا.
ولهذا أمر الله سبحانه رسوله أن يستعيذ به من شرّه، وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيّف بكيفية خبيثة، وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى، فإن السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية، وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية.
فمنها: ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثّر في إسقاط الجنين.
ومنها: ما تؤثر في طمس البصر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم في الأبتر وذي الطفيتين "
..
الشيخ : الطُفْيتين.
القارئ : " وذي الطُفْيتين من الحيات: ( إنهما يلتمسان البصر، ويُسقطان الحبل ) .
ومنها: ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرّد الرؤية من غير اتصال به، لشدة خبث تلك النفس، وكيفيتها الخبيثة المؤثّرة، والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية، كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية، والرقى، والتعوّذات، وتارة بالوهم والتخيل.
ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشيء فتؤثّر نفسه فيه، وإن لم يره، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية، وقد قال تعالى لنبيّه (( وَإِن يَكادُ الَّذينَ كَفَروا لَيُزلِقونَكَ بِأَبصارِهِم لَمّا سَمِعُوا الذِّكرَ )) . وقال: (( قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ )) "
.
الشيخ : وهذا صحيح، العائن قد يؤثر لو ما رأى المعين وإن لم يرى المعين، ويذكر إن بعض الناس رأى الهلال وكان معه راعي غنم، فلما وصل إلى أصحابه ... قال إن الليلة من الشهر، قالوا أبدا ما يصير نحن تراءيناه ولا رأيناه، هو لما قالوا تراءيناه ولا رأيناه خاف على نفسه، فقال إن الذي رءاه هو الراعي، والراعي ما هو حاضر، فأصابوا الراعي بعينهم وكَفّ الراعي، وذاك سلِم، أي نعم، وهم ما رأوا ولا شيء، فهذه تصديقا لكلام ابن القيم رحمه الله. نعم.
القارئ : " وقال: (( قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ ما خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي العُقَدِ * وَمِن شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ )) . فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا، فلما كان الحاسد أعمّ من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن.
وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود أو المعين تصيبه تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه، أثّرت فيه ولابد، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثّر فيه "
.
الشيخ : الله أكبر.
القارئ : " وربما رُدّت السهام على صاحبها، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء، فهذا من النفوس والأرواح وذاك من الأجسام والأشباح. وأصله من إعجاب العائن بالشيء، ثم تتبعه كيفية نفسه "..
الشيخ : تَتْبَعُهُ، تَتْبَعُهُ.
القارئ : " ثم تَتْبَعُهُ كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمّها بنظرة إلى المعين، وقد يعين الرجل نفسه. وقد يعين بغير إرادته، بل بطبعه، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء " ..
الشيخ : هذا يقول يعين الرجل نفسه، غريب هذا.
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : أن ينظر للمرءاة.
الشيخ : المرءاة أو غيره لكن هذه غريبة، أعوذ بالله.
السائل : وقد يعين ولده.
الشيخ : أي نعم، وقد يعين ولده، صحيح، لكن ولده منفصل عنه، هذا الغريب إنه يعين نفسه، نسأل الله العافية. نعم.
القارئ : " وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: إن من عُرف بذلك، حبسه الإمام، وأجرى له ما يُنفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعا.
فصل.
والمقصود: العلاج النبوي لهذه العلّة، وهو أنواع، وقد روى أبو داوود في سننه عن سهل بن حنيف قال: مررنا بسيل، فدخلت، فاغتسلت فيه، فخرجت محموما، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ( مروا أبا ثابت يتعوّذ ) ، قال: فقلت: يا سيدي! والرقى صالحة؟ فقال: ( لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة ) . والنفس: العين، يقال: أصابت فلانا نفس، أي: عين، والنافس: العائن.
واللدغة - بدال مهملة وغين معجمة - وهي ضربة العقرب ونحوها.
فمن التعوّذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب "
..
الشيخ : المُعَوِّذتين.
القارئ : " فمن التعوّذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوِّذتين، وفاتحة الكتاب، وءاية الكرسي.
ومنها التعوذات النبوية، نحو: ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) .
ونحو: ( أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ) .
ونحو: ( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان ) .
ومنها: ( أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) .
ومنها: ( اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت ءاخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يُهزم جندك ) "
..
الشيخ : جُنْدُك.
القارئ : " ( جُنْدُك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك ) .
ومنها: ( أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها، وما لم أعلم، من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شرّه، ومن شر كل ذي شر أنت ءاخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم ) .
ومنها: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله ... ) "
.
الشيخ : خلاص؟
القارئ : " تعلم أن ".
الشيخ : ... أه؟
القارئ : ... .
الشيخ : ... بقي عاد الاحتراز منها بعد الوقوع، هذا قبل وقوعها.
القارئ : ... .
الشيخ : إيه.
القارئ : ثم ... .
الشيخ : إيش؟
القارئ : " ومن علاج ذلك والاحتراز منه ستر محاسن ما يخاف عليه " ..
الشيخ : هذه قبل، قبل الإصابة.
الطالب : ... مثل يُعرف ... يعني ... .
الشيخ : أه؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما فيه شيء؟ بعدين، نعم؟