فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا فلما خلقه قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن ) حفظ
الشيخ : هذا الحديث ( خلق الله آدم على صورته ) من المعلوم أن آدم خلق من طين وأنه حادث بعد أن لم يكن، وأن الحادث لا يمكن أن يكون كالواجب الوجود، لأن الحادث جائز الوجود وليس واجب الوجود.
وقد اختلف الناس في قوله : ( خلق الله آدم على صورته ) فمنهم من طعن في الحديث ورده، وقال هذا خبر آحاد مخالف للقرآن فلا عبرة به، وذلك أنهم توهموا أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( خلق الله آدم على صورته ) أن ذلك يستلزم التمثيل، فإذا لزم من ذلك التمثيل صار معارضا لقوله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ولغيره من النصوص الدالة على أن الله لا مماثل.
ومعلوم أن من كان هذا شأنه فإنه باطل لكن الشأن كل الشأن هل الحديث يدل على ما توهموه ؟
هذا هو موضع الخلاف، إنما هؤلاء ظنوا أن الحديث يستلزم التمثيل، والتمثيل معارض لصريح القرآن ولما يقتضيه العقل فوجب رده، وقالوا هذا خطأ من الناقل.
ومنهم من قال إن الحديث صحيح ولكن معناه أن الله خلق آدم على صورته على الوجه المذكور ( طوله ستون ذراعا ) فجعلوا هذه الجملة مبينة للصورة المبهمة أو المجملة في قوله : ( خلق آدم على صورته ) يعني خلقه على هذه الصورة، فتكون جملة : ( طوله ستون ذراعا ) مبينة للمجمل في قوله : ( صورته ) وعلى هذا فيكون الضمير عائدا على آدم باعتبار أن طوله ستون ذراعا، وعلى هذا لا يكون الكلام تحصيل حاصل، لأن من أهل العلم من رد القول بأن الضمير يعود على آدم بأنه تحصيل حاصل، ( خلق آدم على صورته ) كل شيء مخلوق على صورته، حتى الكلب مخلوق على صورته، والذباب مخلوق على صورته، لكن إذا قيل : إن الصورة مجملة بينت بقوله: ( طوله ستون ذراعا ) زال الإشكال وصار للإضافة معنى.
القول الثاني : ( إن الله خلق آدم على صورته ) أي : على صورة الرّب عز وجل، بمعنى أنه على صورة اختارها، أحسن الصور (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ))، (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) أي في علو ، لأن الكبد من الأرض الشيء العالي على أحد التفسيرات، فيكون على صورته أي صورة الله ، والإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، كما قال : ناقة الله، وبيت الله، ومسجد الله، وما أشبه ذلك، مع أن الناقة والبيت والمسجد مخلوق ؟ مخلوق لكن أضافه إلى نفسه تشريفا وتعظيما، فكأنه أضاف الله هذه الصورة صورة آدم إلى نفسه تشريفا وتعظيما بدليل أنه جاء في هذا الحديث أنه نهى أن يضرب الوجه وأن يُقبَّح، لأنه إذا ضرب عيب حسا، وإذا قبح عيب معنى، وشيء اختصه الله وصوره على ما تقتضيه حكمته لا ينبغي أن يقبح ولا ينبغي أن يضرب فيحلقه العيب حسا أو معنى.
كم هذا ؟ ثلاثة أوجه، أو ثلاثة أقوال.
القول الرابع : أن الله خلق آدم على صورة الرب عز وجل التي هي صورة الله وصفة الله، ولكن لا يلزم من كونه على صورته أن يكون مماثلا له، فإن الشيء قد يكون على صورة الشيء من حيث الجملة لا من حيث التفصيل، وضربوا لذلك مثلا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر : ( أن أول زمرة تدخل الجنة وجوههم على صورة القمر ) ، ومعلوم أنهم لم يماثلوا القمر من كل وجه، فالقمر ما فيه أنف ولا فيه أعين ولا فيه فم، وهم فيهم هذا الشيء، لكن على صورة القمر من حيث الجملة، وحينئذ نأخذ بظاهر الحديث ونأخذ بالنفي في قوله : (( ليس كمثله شيء )) فنقول آدم على صورة الله بدون مماثلة، ونكون عملنا بالنصوص كلها، وهذا كما ترون قوي جدا.
يبقى النظر ما محل الجملة وهي قوله : ( طوله ستون ذراعا ) مما قبلها ؟
نقول : محلها استئنافية لا للبيان، ولكنها لإيجاد معنى مستقل عن الصورة، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورته، ثم بين أن طوله ستون ذراعا.
وطول آدم ستون ذراعا ثبت في الصحيحين وغيرهما، ولكن ما العرض ؟ جاء في السنن عرضه سبعة أذرع.
وأهل الجنة يدخلون الجنة على هذه الصورة طولهم ستون ذراعا وعرض الواحد منهم سبعة أذرع، وهذا لا يستنكر ولا يستغرب إذا كان الناس كلهم على هذا السّواء يكون في استنكار أو لا ؟ ما فيه، بل لو كانوا أقل من ذلك أو أعلى لاستنكر واستغرب ونفر منه، ولذلك لو أن الله خلقنا على النصف مما نحن عليه الآن يستغرب أو لا؟ لا يستغرب، لكن لو يجي الآن واحد من الناس بالغ كبير على النصف منا استغربناه، فالمهم لا غرابة أن يكون الناس يوم القيامة يدخلون الجنة على هذه الصورة.
والشاهد من هذا الحديث أن الله قال له : ( اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم، قالوا : السلام عليك ورحمة الله، فزادوا : ورحمة الله ).
يستفاد من هذا الحديث أنك إذا سلمت على جماعة تقول : السلام عليكم بالجمع، وإذا ردوا عليك وأنت واحد يقولون : عليك السلام بالإفراد، ويجوز الجمع، وإذا سلمت على واحد تقول : السلام عليك، ويجوز أن تجمع فتقول : السلام عليكم.
شف الحديث عندك في الرد ؟
القارئ : كل الحديث.
الشيخ : لا بس في الرد، فقالوا السلام عليك ورحمة الله ... النسخة إذا كان عليك السلام فهي الأصح إيش يقول؟