وقال الزهري : في النظر إلى التي لم تحض من النساء : لا يصح النظر إلى شيء منهن، ممن يشتهى النظر إليه، وإن كانت صغيرة . حفظ
القارئ : وقال الزهري : في النظر إلى التي لم تحض من النساء : لا يصلح النظر إلى شيء منهن، ممن يشتهى النظر إليه، وإن كانت صغيرة.
الشيخ : طيب، هذا صحيح، كلام الزهري رحمه الله هو غاية الفقه، أن الحكم منوط بالشهوة فمن تشتهى لا يجوز النظر إليها ولو كانت صغيرة، ومن لا تشتهى ولا تتعلق بها النفس وإن كبرت وقاربت البلوغ فلا حرج من النظر إليها، لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فإذا وجدنا طفلة نموها ضعيف ولها اثنتا عشرة سنة لكن النفس لا تتعلق بها إطلاقا لصغرها وربما تكون غير ذات جمال فهذا لا يجب عليها أن تحتجب، وربما تكون طفلة لها تسع سنوات لكنها نموها جيد وأعطاها الله تعالى شيئا من الجمال فهذه يجب أن تحتجب لأن النفوس تتعلق بها.
والدليل على هذا أن الله تعالى قال : (( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة )) والقاعدة بالغة أو غير بالغة ؟ بالغة كبيرة، نعم، لا ترجو النكاح لأنها عجوز لا يطلبها أحد، هذه لا بأس أن تضع ثوبها بشرط أيضا أن لا تتبرج بالزينة، فإن كانت عجوز تريد تشوف أحسن الثياب وتلبسه لعل الله يُهيئ لها أحد فهذه ترجو النكاح، لا يجوز أن تفعل، لكن فرضا أن لباسها عادي وهي كبيرة لا ترجو النكاح فليس عليها جناح أن تضع ثيابها كما قال الله عزّ وجل.
إذن نفهم أن العلة في وجوب الحجاب هو الشهوة وتعلق النفس بها، فلا تحدد بتسع.
وقال بعض العلماء بل تحدد بتسع، وأن من بلغت تسعا وجب عليها أن تحتجب كما قلنا إن التمييز معلق بتمام سبع سنين، ومن الناس من يميز قبل ذلك ومن الناس من لا يميز إلا بعد، فقالوا الأولى أن نحدّ شيئا معينا لأن ذلك أضبط، لأن مسألة تعلق النفس بها أيضا أمر غير منضبط، السبب ؟ أن الناس يختلفون، فبعض الناس تتعلق نفسه ولو بالصغيرة التي لا يتعلق بها نفس الآخر، فالناس يختلفون، فإذا ضبطنا المسألة بسنوات معينة محددة، وقلنا النادر لا حكم له، يعني كونه يوجد امرأة تبلغ ثنتي عشرة سنة ولا تتعلق بها النفس هذا أمر نادر فلا عبرة به.
هذا لا شك أنه أقرب إلى الانضباط، والأول أقرب إلى المعنى .
وبناء على ذلك يبقى النظر في نفس الإنسان المعين إذا رأى امرأة لم تبلغ صغيرة لكنها لم تتعلق بها نفسه إطلاقا فهذا قد نقول إنه لا يجب عليك أن تنكر عليها وأن تعرض عنها.
وإذا رأيت من نفسك أن نفسك تتعلق بها ولو كانت دون العاشرة فأنكر عليها وغض بصرك عنها، ما دامت أن المسألة غير منضبطة.