فوائد حديث : ( ... قال : أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئا فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها فقالت : يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه قال : نعم . حفظ
الشيخ : هذا الحديث في حجة الوداع في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن حجة الوداع كانت في السنة العاشرة، وكان عليه الصلاة والسلام قد أردف أسامة بن زيد خلفه في دفعه من عرفة إلى مزدلفة، وأردف الفضل بن العباس في دفعه من مزدلفة إلى منى.
وجاءت هذه المرأة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم وكانت وضيئة وكان الفضل وضيئا أيضا، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه لأنه أعجبه حسنها، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك صرف وجهه.
قال أهل العلم : وفي هذا دليل على أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، لا سيما إذا كان نظره نظر تمتع وشهوة.
قد تكون الشهوة في هذا الموضع بعيدة من الفضل بن العباس فإنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم وكان محرما لكن قد يتمتع الإنسان بالنظر إلى المرأة الجميلة بدون أن تثور شهوته لكن يعجبه أن ينظر إليها، ونظر الفضل من هذا النوع، ومع هذا لم يقره النبي صلى الله عليه وسلم بل صرف وجهه.
قال النووي رحمه الله : " وفي هذا دليل على تحريم نظر الرجل إلى المرأة "، وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
فإن قال قائل : في هذا لحديث إشكال، وهي أن المرأة كانت قد كشفت وجهها، والناس حولها ؟
فالجواب على هذا أن يقال : إن المشروع في حق النساء كشف وجوههن في الإحرام، وهذه المرأة كشفت وجهها ولعلها لم يبلغها وجوب الستر إذا كان حولها رجال، فلهذا بقيت كاشفة وجهها، وهذا الجواب كما سمعتم فيه شيء من الضعف، لأنه يقال إذا كانت جاهلة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يخبرها ويقول : غط وجهك، ولم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينئذ يكون الجواب الأول ضعيفا.
فالجواب على هذا أنا نعلم أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يباغت الرجل بالإنكار أو المرأة وإنما يعلمهم رويدا رويدا، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم أعلمها بعد ذلك، وأوجب عليها وأمرها أن تستر وجهها، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها تصف حال النساء في الإحرام أنه إذا مر الركبان من حولهم سدلت خمارها، وإذا فارقوهنّ كشفت الخمار.
وعلى كل حال يعني أعلى ما يقال في هذا الحديث أنه من المشكلات المشتبهات، لأن الإنسان قد يعجز عن الإجابة عنه إجابة مقنعة، والمعروف بل والواجب على أهل العلم أن يردوا المتشابه إلى المحكم، وإذا رددنا المتشابه إلى المحكم فالنصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلها تدل على أن المرأة لا يحل لها أن تبدي وجهها، فيجب أن نرد هذا المتشابه وأمثاله إلى المحكم.
ثم على فرض أننا لم نصل إلى نهاية في هذا الأمر، أي لم نصل إلى اطمئنان في وجوب تغطية الوجه فإننا نجعله من قسم المباح، ومن المعلوم أن المباح إذا كان ذريعة إلى المحرم صار حراما وذريعة كشف الوجه إلى كشف ما وراءه في وقتنا الحاضر قريبة جدا.
وإذا أردت أن تعرف هذا الأمر فانظر إلى البلاد التي سمحت لنفسها أن تأذن للنساء بكشف الوجوه، هل اقتصرت النساء على كشف الوجوه ؟ الجواب لا، ما اقتصرت، بل أخرجت الوجوه والرؤوس والرقاب والنحور وما شاء الله، ومعلوم أن الشريعة الإسلامية سدت الذرائع، قال الله تعالى : (( ولا تقربوا الزنا ))، ولا شك أن كشف المرأة وجهها ولا سيما إن كانت جميلة شابة من أقوى ما يدعو إلى الزنا، فلذلك لا نشك في أن المرأة يجب عليها أن تستر وجهها، وأن تحمل النصوص التي فيها اشتباه على النصوص المحكمة.
وماذا يضر المرأة إذا سترت الوجه ؟ هو لا يضرها في الواقع ، وباتفاق المسلمين أن ذلك أولى لها، فإذا كان هذا أولى لها وكشفه على خطر وذريعة للبلاء والفتنة كان كل عاقل لا يختار إلا ستر الوجه.
فإن قال قائل: الظاهر من نساء الصحابة أنهن ينتقبن بدليل قوله صلى الله عليه وسلم حين تكلم عما يلبس المحرم من الثياب قال : ( ولا تنتقب المرأة ) وهذا يدل على أن النقاب كان معروفا عندهم، فهل تأذنون للنساء بالانتقاب ؟
قلنا لو نعلم أن النقاب سيقتصر على الحاجة أو ستقتصر النساء فيه على الحاجة لأذنا لهن بذلك، ولكن نعلم وبدليل من الواقع أن النساء لن يقتصرن على قدر الحاجة في النقاب، فاليوم هذا تفتح نقابا يبدو منه سواد العين، في اليوم الثاني يبدو مع السواد البياض، في اليوم الثالث الأجفان، في اليوم الرابع الحواجب، في اليوم الخامس الوجنة، في اليوم السادس نصف الخد، ما تنتهي عشرة أيام إلا والوجه سافر، هذا هو المعروف من تدهور النساء، ولذلك ما نرى أن يفتى للنساء بالانتقاب في عصرنا الحاضر لما في ذلك من الشر والفتنة، ثم مع هذا ليتها تقتصر على النقاب المشروع لكن تكحل العين، وتحمر الأجفان أو تصفرها حتى يكون شعرها كالذهب، مذهب، نعم، ولا يكفي هذا أيضا، ما يكفي هذا ، تجعل النقاب كالبرقع أي أنه موشى مطرز، يفتن وإن لم يكن على وجه امرأة، نعم، وهذا مشكل، لذلك يجب على الإنسان طالب العلم أن يكون عنده علم نظري وطريق تربوي، يربي الناس ويشوف إيش النتائج.
هذا ليس بواجب بالاتفاق أعني كشف الوجه وليس بسنة بالاتفاق، غاية ما هنالك أنه مباح، فإذا وجدنا أنه يترتب عليه مفاسد فإن القاعدة الشرعية في المباح أنه إذا عدا طوره صار إما واجبا أو حراما أو مكروها أو مستحبا، مباحا هو طوره.
إذن الإنسان العاقل يسوس الناس بما يصلحهم.
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرى تبعا لصاحبيه أن الطلاق الثلاث واحدة، يعني إذا طلق الإنسان زوجته ثلاثا فهي واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافته، فكثر الطلاق الثلاث في الناس، والطلاق الثلاث محرم، لما كثر رأى بحكمته رضي الله عنه أن يمنع الناس من مراجعة نسائهم، وقال : " أرى الناس قد تتايعوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم "، إذن منع الناس من حق لهم، من حق قد يكون عظيما، ربما تكون المرأة هذه أم أولاده، ويكون هو فقيرا كبير السن أعمى أصم إذا ذهبت عنه هذه المرأة التي قد حاشته وأولاده بقي أعزب، إن خطب لم يعط، ومع ذلك كان عمر يمنعه هذا الحق، خوفا من أن يتذايع الناس في أمر محرم.
خذ مثلا آخر من سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام يقول لعائشة : ( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين : بابا يدخل منه الناس، وبابا يخرجون منه ) لكن نظرا لخوف الفتنة ترك هذا الأمر، ولهذا الكعبة الآن الجانب الشمالي منها ليس على قواعد إبراهيم الذي فيه الحجر، لأن قريشا لما أرادوا بناءه وجمعوا لها ما جمعوا من المال قصّرت بهم النفقة قالوا لا بد من اختزال المبنى، من أين نختزله ؟ قالوا اختزاله من عند الحَجَر ما يمكن ليش ؟ لأن فيه الحجر، ما يريدون أن يغيروه عن مكانه، من الغرب ما يمكن، لأنها تبقى غير كعبة تكون مستطيلة، إذن ليس لها إلا الشمال فقطعوها من جهة الشمال ووضعوا هذا الجدار المحجر، ولهذا يسمى الحِجْر، والعامة يقولون هذا حجر إسماعيل، إسماعيل وش عنده ؟ قال هذا إسماعيل مدفون فيه، سبحان الله، إسماعيل مدفون في الحجر، الحجر ما يعرفه إسماعيل ولا أدركه، لكنه يسمى حجرا لأنه حُجِّر على باقي الكعبة مساحة الأرض، ولكن أكثر العلماء يقولون إن الذي من الكعبة ستة أذرع ونصف تقريبا، ما هو كل المحوط، ستة أذرع ونصف تقريبا يعني منتهاه والله أعلم من حين يبدأ التقويس.
المهم الشاهد من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما يحب خوفا من الفتنة، فهذه المسائل يا إخواني وأنتم والحمد الله طلبة علم يجب أن تلاحظوا ما يصلح الناس فإن العلم ليس نظريا فقط، العلم نظري وتربوي، والشريعة الإسلامية ما صارت إلا من أجل إصلاح الناس وتقويمهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، ما ظنكم لو جاءت امرأة جميلة كاشفة وجهها لوجدت هؤلاء السراة كأنهم نحل خلف اليعسوب يتبعونها، هذا أمر مشاهد نسمع عن هذا كثيرا، تجده يقف إذا وقفت عند صاحب الدكان أو غيره، ما له شغل، يكلم صاحب الدكان ويمزح معه، من أجل ترى مزحه وترى ضحكه وما أشبه ذلك.
وجاءت هذه المرأة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم وكانت وضيئة وكان الفضل وضيئا أيضا، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه لأنه أعجبه حسنها، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك صرف وجهه.
قال أهل العلم : وفي هذا دليل على أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، لا سيما إذا كان نظره نظر تمتع وشهوة.
قد تكون الشهوة في هذا الموضع بعيدة من الفضل بن العباس فإنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم وكان محرما لكن قد يتمتع الإنسان بالنظر إلى المرأة الجميلة بدون أن تثور شهوته لكن يعجبه أن ينظر إليها، ونظر الفضل من هذا النوع، ومع هذا لم يقره النبي صلى الله عليه وسلم بل صرف وجهه.
قال النووي رحمه الله : " وفي هذا دليل على تحريم نظر الرجل إلى المرأة "، وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
فإن قال قائل : في هذا لحديث إشكال، وهي أن المرأة كانت قد كشفت وجهها، والناس حولها ؟
فالجواب على هذا أن يقال : إن المشروع في حق النساء كشف وجوههن في الإحرام، وهذه المرأة كشفت وجهها ولعلها لم يبلغها وجوب الستر إذا كان حولها رجال، فلهذا بقيت كاشفة وجهها، وهذا الجواب كما سمعتم فيه شيء من الضعف، لأنه يقال إذا كانت جاهلة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يخبرها ويقول : غط وجهك، ولم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينئذ يكون الجواب الأول ضعيفا.
فالجواب على هذا أنا نعلم أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يباغت الرجل بالإنكار أو المرأة وإنما يعلمهم رويدا رويدا، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم أعلمها بعد ذلك، وأوجب عليها وأمرها أن تستر وجهها، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها تصف حال النساء في الإحرام أنه إذا مر الركبان من حولهم سدلت خمارها، وإذا فارقوهنّ كشفت الخمار.
وعلى كل حال يعني أعلى ما يقال في هذا الحديث أنه من المشكلات المشتبهات، لأن الإنسان قد يعجز عن الإجابة عنه إجابة مقنعة، والمعروف بل والواجب على أهل العلم أن يردوا المتشابه إلى المحكم، وإذا رددنا المتشابه إلى المحكم فالنصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلها تدل على أن المرأة لا يحل لها أن تبدي وجهها، فيجب أن نرد هذا المتشابه وأمثاله إلى المحكم.
ثم على فرض أننا لم نصل إلى نهاية في هذا الأمر، أي لم نصل إلى اطمئنان في وجوب تغطية الوجه فإننا نجعله من قسم المباح، ومن المعلوم أن المباح إذا كان ذريعة إلى المحرم صار حراما وذريعة كشف الوجه إلى كشف ما وراءه في وقتنا الحاضر قريبة جدا.
وإذا أردت أن تعرف هذا الأمر فانظر إلى البلاد التي سمحت لنفسها أن تأذن للنساء بكشف الوجوه، هل اقتصرت النساء على كشف الوجوه ؟ الجواب لا، ما اقتصرت، بل أخرجت الوجوه والرؤوس والرقاب والنحور وما شاء الله، ومعلوم أن الشريعة الإسلامية سدت الذرائع، قال الله تعالى : (( ولا تقربوا الزنا ))، ولا شك أن كشف المرأة وجهها ولا سيما إن كانت جميلة شابة من أقوى ما يدعو إلى الزنا، فلذلك لا نشك في أن المرأة يجب عليها أن تستر وجهها، وأن تحمل النصوص التي فيها اشتباه على النصوص المحكمة.
وماذا يضر المرأة إذا سترت الوجه ؟ هو لا يضرها في الواقع ، وباتفاق المسلمين أن ذلك أولى لها، فإذا كان هذا أولى لها وكشفه على خطر وذريعة للبلاء والفتنة كان كل عاقل لا يختار إلا ستر الوجه.
فإن قال قائل: الظاهر من نساء الصحابة أنهن ينتقبن بدليل قوله صلى الله عليه وسلم حين تكلم عما يلبس المحرم من الثياب قال : ( ولا تنتقب المرأة ) وهذا يدل على أن النقاب كان معروفا عندهم، فهل تأذنون للنساء بالانتقاب ؟
قلنا لو نعلم أن النقاب سيقتصر على الحاجة أو ستقتصر النساء فيه على الحاجة لأذنا لهن بذلك، ولكن نعلم وبدليل من الواقع أن النساء لن يقتصرن على قدر الحاجة في النقاب، فاليوم هذا تفتح نقابا يبدو منه سواد العين، في اليوم الثاني يبدو مع السواد البياض، في اليوم الثالث الأجفان، في اليوم الرابع الحواجب، في اليوم الخامس الوجنة، في اليوم السادس نصف الخد، ما تنتهي عشرة أيام إلا والوجه سافر، هذا هو المعروف من تدهور النساء، ولذلك ما نرى أن يفتى للنساء بالانتقاب في عصرنا الحاضر لما في ذلك من الشر والفتنة، ثم مع هذا ليتها تقتصر على النقاب المشروع لكن تكحل العين، وتحمر الأجفان أو تصفرها حتى يكون شعرها كالذهب، مذهب، نعم، ولا يكفي هذا أيضا، ما يكفي هذا ، تجعل النقاب كالبرقع أي أنه موشى مطرز، يفتن وإن لم يكن على وجه امرأة، نعم، وهذا مشكل، لذلك يجب على الإنسان طالب العلم أن يكون عنده علم نظري وطريق تربوي، يربي الناس ويشوف إيش النتائج.
هذا ليس بواجب بالاتفاق أعني كشف الوجه وليس بسنة بالاتفاق، غاية ما هنالك أنه مباح، فإذا وجدنا أنه يترتب عليه مفاسد فإن القاعدة الشرعية في المباح أنه إذا عدا طوره صار إما واجبا أو حراما أو مكروها أو مستحبا، مباحا هو طوره.
إذن الإنسان العاقل يسوس الناس بما يصلحهم.
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرى تبعا لصاحبيه أن الطلاق الثلاث واحدة، يعني إذا طلق الإنسان زوجته ثلاثا فهي واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافته، فكثر الطلاق الثلاث في الناس، والطلاق الثلاث محرم، لما كثر رأى بحكمته رضي الله عنه أن يمنع الناس من مراجعة نسائهم، وقال : " أرى الناس قد تتايعوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم "، إذن منع الناس من حق لهم، من حق قد يكون عظيما، ربما تكون المرأة هذه أم أولاده، ويكون هو فقيرا كبير السن أعمى أصم إذا ذهبت عنه هذه المرأة التي قد حاشته وأولاده بقي أعزب، إن خطب لم يعط، ومع ذلك كان عمر يمنعه هذا الحق، خوفا من أن يتذايع الناس في أمر محرم.
خذ مثلا آخر من سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام يقول لعائشة : ( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين : بابا يدخل منه الناس، وبابا يخرجون منه ) لكن نظرا لخوف الفتنة ترك هذا الأمر، ولهذا الكعبة الآن الجانب الشمالي منها ليس على قواعد إبراهيم الذي فيه الحجر، لأن قريشا لما أرادوا بناءه وجمعوا لها ما جمعوا من المال قصّرت بهم النفقة قالوا لا بد من اختزال المبنى، من أين نختزله ؟ قالوا اختزاله من عند الحَجَر ما يمكن ليش ؟ لأن فيه الحجر، ما يريدون أن يغيروه عن مكانه، من الغرب ما يمكن، لأنها تبقى غير كعبة تكون مستطيلة، إذن ليس لها إلا الشمال فقطعوها من جهة الشمال ووضعوا هذا الجدار المحجر، ولهذا يسمى الحِجْر، والعامة يقولون هذا حجر إسماعيل، إسماعيل وش عنده ؟ قال هذا إسماعيل مدفون فيه، سبحان الله، إسماعيل مدفون في الحجر، الحجر ما يعرفه إسماعيل ولا أدركه، لكنه يسمى حجرا لأنه حُجِّر على باقي الكعبة مساحة الأرض، ولكن أكثر العلماء يقولون إن الذي من الكعبة ستة أذرع ونصف تقريبا، ما هو كل المحوط، ستة أذرع ونصف تقريبا يعني منتهاه والله أعلم من حين يبدأ التقويس.
المهم الشاهد من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما يحب خوفا من الفتنة، فهذه المسائل يا إخواني وأنتم والحمد الله طلبة علم يجب أن تلاحظوا ما يصلح الناس فإن العلم ليس نظريا فقط، العلم نظري وتربوي، والشريعة الإسلامية ما صارت إلا من أجل إصلاح الناس وتقويمهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، ما ظنكم لو جاءت امرأة جميلة كاشفة وجهها لوجدت هؤلاء السراة كأنهم نحل خلف اليعسوب يتبعونها، هذا أمر مشاهد نسمع عن هذا كثيرا، تجده يقف إذا وقفت عند صاحب الدكان أو غيره، ما له شغل، يكلم صاحب الدكان ويمزح معه، من أجل ترى مزحه وترى ضحكه وما أشبه ذلك.