فوائد حديث : ( ... أخبرني أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرًا حياته وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل وقد كان أبي بن كعب يسألني عنه وكان أول ما نزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروسًا فدعا القوم فأصابوا من الطعام ثم خرجوا وبقي منهم رهط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج وخرجت معه كي يخرجوا فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة ثم ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه حتى دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يتفرقوا فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعت معه حتى بلغ عتبة حجرة عائشة فظن أن قد خرجوا فرجع ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا فأنزل آية الحجاب فضرب بيني وبينه سترًا ) حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث من الفوائد شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه عليه الصلاة والسلام يحب أن يقوم هؤلاء الرهط ولكنهم لم يقوموا أنسا ببقائهم في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نبه الله على ذلك في قوله : (( فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث )) يعني لا تقعدوا مستأنسين لحديث، (( إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق )).
فانظروا إلى هذا الحديث : رجع النبي عليه الصلاة والسلام عدة مرات وخرج لعلهم يخرجون.
وفي هذا دليل على أن من اللباقة وحسن الخلق أن يفعل الإنسان الفعل الذي يدل على مراده بدون أن يصرح بالقول، ولذلك خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيت زينب ومشى حتى وصل إلى بيت عائشة ورجع لعلهم يرجعون.
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يكون نبيها فإذا شعر بأن صاحبه لا يريد هذا الشيء فلا ينبغي أن يحرجه ويلجئه إلى أن يصرح بالكلام الذي قد لا يكون مرغوبا فيه لا من جهته ولا من جهتهم.
وفيه أيضا مشروعية الوليمة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا القوم فأصابوا من الطعام.