فوائد حديث : ( ... فقال : قوموا إلى سيدكم أو قال : خيركم فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك قال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم فقال : لقد حكمت بما حكم به الملك . قال أبو عبد الله : أفهمني بعض أصحابي عن أبي الوليد من قول أبي سعيد إلى حكمك . حفظ
الشيخ : هذا أيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( قوموا إلى سيدكم ).
وكأنّ المؤلف رحمه الله يشير إلى أنه هناك فرقا بين قوموا لسيدكم وإلى سيدكم.
وقد ذكر أهل العلم أن هذه المسألة يعني القيام، إما أن تتعدى بإلى أو باللام أو بعلى، القيام يتعدى بإلى أو بعلى أو باللام.
فإن تعدى بإلى فلا بأس به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ) وهذا يدل على أن المراد : امشوا إليه، لأن إلى للغاية فلا بد من مغيا، فإذا قلت قم إلى فلان فمعناه أن فلان بعيد عنك يحتاج إلى مشي حتى ينتهي قيامك إليه، فهذا لا بأس به، فلو رأينا شخصا دخل الباب وقمنا ومشينا إليه فإن هذا جائز ولا بأس به، إذا كان أهلا للإكرام كان إكرامنا إياه من الأمور المشروعة المسنونة أن نستقبله عند الباب إذا رأيناه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ).
وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه قد أصابه سهم في أكحله في عزوة الخندق، ولمحبة النبي صلى الله عليه وسلم له ولشرف منزلته عنده أمر أن يضرب له خباء في المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يعوده من قريب، لأن الرسول يحبه لأنه أهل لذلك رضي الله عنه، فدعا الله قال : " اللهم لا تمتني حتى تقر عيني ببني قريظة " يقوله في غزوة الأحزاب، فأقر الله عينه، وأنزلهم على حكمه، هم الذين اختاروا سعد بن معاذ أن يحكم فيهم، وإنما اختاروه لأنه كان حليفهم، فظنوا أنه سوف يجعل يدا دونهم، وسوف يشفع لهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه رضي الله عنه لم تأخذه في الله لومة لائم، لما جاء قال : حكمي نافذ فيهم ؟ قالوا : نعم، قال : وعلى من هنا ، يشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينظر إليه احتراما له، ما ينظر إلى الرسول احتراما له، قال : وعلى من هنا ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم، قال : أحكم فيهم بكذا وكذا، كما ذكر البخاري.
الشاهد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم ).
الصورة الثانية : أن تتعدى بعلى، فيقال : قام على فلان، فهذا لا يجوز، نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في مقام يغاظ فيه الأعداء.
ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها ) حتى إنه في الصلاة لما صلى جالسا وكانوا قياما أشار إليهم أن يجلسوا لئلا يقوموا على رأسه فيصنعوا كما تصنع الأعاجم في ملوكها، لكن في غزوة الحديبية وهي في السنة السادسة من الهجرة كان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائما على رأس النبي صلى الله عليه وسلم وبيده السيف من أجل إغاظة المشركين، لأن المشركين كانوا يراسلونه، يرسلون إليه الرسل للمفاوضة، فكان الصحابة يفعلون شيئا لم يكونوا يفعلونه في غير هذا الحال، كان الرسول إذا تنخم نخامة تلقوها بأيديهم فجعلوا يدلكون بها صدورهم ووجوههم، وما كانوا يفعلون هذا، لكن من أجل إغاظة المشركين لأجل يروحون لقومهم يقولون رأينا ورأينا، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، ولهذا أثرت فيهم لما رجع إليهم رسولهم إلى قريش، قال والله لقد دخلت على الملوك وكسرى وقيصر والنجاشي فلم أر أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، سبحان الله العظيم، فأثر فيهم.
فالحاصل أنه إذا كان فيه إغاظة الأعداء القيام على الشخص فلا بأس به، كما فعل المغيرة بن شعبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا دليل يا إخواني على أن إغاظة أعداء الله محبوبة إلى الله، يجوز مثل هذه الحال، ويجوز للإنسان أن يمشي الخيلاء أمام أعداء الله، مع أن الخيلاء من كبائر الذنوب، حرام، لكن يجوز أن تمشي متبخترا أمام الأعداء، ويجوز أن تلبس الحرير وأنت رجل إغاظة لهم لأعداء الله إذا كانوا حاضرين.
ونحن الآن ما نقدّر الأمور هذه، الآن كاد أن يكون أعداء الله أولياء لنا، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه، مع أن أعداء الله الكفار يجب علينا إغاظتهم وجوبا (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم )).
طيب، بقي علينا الثالث القيام للشخص، فالقيام له لا شك أن الأفضل تركه، وأن الناس لو اعتادوا عدم القيام للشخص لكان أولى لأن هذا فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك، لكنه لا بأس به للإكرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم وفد ثقيف إليه وهو بالجعرانة قام لهم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فلا بأس به، فإذا قام الإنسان لشخص دخل كما جرت به العادة إكراما له فلا حرج، لكن يمكن أن يتلافى هذا بأن يقوم إليه يتقدم، بدل أن يقف مكانه يقوم ويمشي إلى باب القهوة، ويكون حينئذ قد قام إليه، لكن مع ذلك لا بأس.
ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ) لأن هذا بالنسبة للداخل إذا أحب أن يتمثل له الناس قياما فهذا لا شك أنه عنده إعجاب بنفسه وكبرياء لكن بالنسبة للمدخول عليهم هذا الحكم.
فصار القيام ثلاثة أقسام: التعدي بإلى، والتعدي بعلى، والتعدي باللام.
وكأنّ المؤلف رحمه الله يشير إلى أنه هناك فرقا بين قوموا لسيدكم وإلى سيدكم.
وقد ذكر أهل العلم أن هذه المسألة يعني القيام، إما أن تتعدى بإلى أو باللام أو بعلى، القيام يتعدى بإلى أو بعلى أو باللام.
فإن تعدى بإلى فلا بأس به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ) وهذا يدل على أن المراد : امشوا إليه، لأن إلى للغاية فلا بد من مغيا، فإذا قلت قم إلى فلان فمعناه أن فلان بعيد عنك يحتاج إلى مشي حتى ينتهي قيامك إليه، فهذا لا بأس به، فلو رأينا شخصا دخل الباب وقمنا ومشينا إليه فإن هذا جائز ولا بأس به، إذا كان أهلا للإكرام كان إكرامنا إياه من الأمور المشروعة المسنونة أن نستقبله عند الباب إذا رأيناه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ).
وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه قد أصابه سهم في أكحله في عزوة الخندق، ولمحبة النبي صلى الله عليه وسلم له ولشرف منزلته عنده أمر أن يضرب له خباء في المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يعوده من قريب، لأن الرسول يحبه لأنه أهل لذلك رضي الله عنه، فدعا الله قال : " اللهم لا تمتني حتى تقر عيني ببني قريظة " يقوله في غزوة الأحزاب، فأقر الله عينه، وأنزلهم على حكمه، هم الذين اختاروا سعد بن معاذ أن يحكم فيهم، وإنما اختاروه لأنه كان حليفهم، فظنوا أنه سوف يجعل يدا دونهم، وسوف يشفع لهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه رضي الله عنه لم تأخذه في الله لومة لائم، لما جاء قال : حكمي نافذ فيهم ؟ قالوا : نعم، قال : وعلى من هنا ، يشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينظر إليه احتراما له، ما ينظر إلى الرسول احتراما له، قال : وعلى من هنا ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم، قال : أحكم فيهم بكذا وكذا، كما ذكر البخاري.
الشاهد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم ).
الصورة الثانية : أن تتعدى بعلى، فيقال : قام على فلان، فهذا لا يجوز، نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في مقام يغاظ فيه الأعداء.
ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها ) حتى إنه في الصلاة لما صلى جالسا وكانوا قياما أشار إليهم أن يجلسوا لئلا يقوموا على رأسه فيصنعوا كما تصنع الأعاجم في ملوكها، لكن في غزوة الحديبية وهي في السنة السادسة من الهجرة كان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائما على رأس النبي صلى الله عليه وسلم وبيده السيف من أجل إغاظة المشركين، لأن المشركين كانوا يراسلونه، يرسلون إليه الرسل للمفاوضة، فكان الصحابة يفعلون شيئا لم يكونوا يفعلونه في غير هذا الحال، كان الرسول إذا تنخم نخامة تلقوها بأيديهم فجعلوا يدلكون بها صدورهم ووجوههم، وما كانوا يفعلون هذا، لكن من أجل إغاظة المشركين لأجل يروحون لقومهم يقولون رأينا ورأينا، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، ولهذا أثرت فيهم لما رجع إليهم رسولهم إلى قريش، قال والله لقد دخلت على الملوك وكسرى وقيصر والنجاشي فلم أر أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، سبحان الله العظيم، فأثر فيهم.
فالحاصل أنه إذا كان فيه إغاظة الأعداء القيام على الشخص فلا بأس به، كما فعل المغيرة بن شعبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا دليل يا إخواني على أن إغاظة أعداء الله محبوبة إلى الله، يجوز مثل هذه الحال، ويجوز للإنسان أن يمشي الخيلاء أمام أعداء الله، مع أن الخيلاء من كبائر الذنوب، حرام، لكن يجوز أن تمشي متبخترا أمام الأعداء، ويجوز أن تلبس الحرير وأنت رجل إغاظة لهم لأعداء الله إذا كانوا حاضرين.
ونحن الآن ما نقدّر الأمور هذه، الآن كاد أن يكون أعداء الله أولياء لنا، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه، مع أن أعداء الله الكفار يجب علينا إغاظتهم وجوبا (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم )).
طيب، بقي علينا الثالث القيام للشخص، فالقيام له لا شك أن الأفضل تركه، وأن الناس لو اعتادوا عدم القيام للشخص لكان أولى لأن هذا فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك، لكنه لا بأس به للإكرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم وفد ثقيف إليه وهو بالجعرانة قام لهم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فلا بأس به، فإذا قام الإنسان لشخص دخل كما جرت به العادة إكراما له فلا حرج، لكن يمكن أن يتلافى هذا بأن يقوم إليه يتقدم، بدل أن يقف مكانه يقوم ويمشي إلى باب القهوة، ويكون حينئذ قد قام إليه، لكن مع ذلك لا بأس.
ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ) لأن هذا بالنسبة للداخل إذا أحب أن يتمثل له الناس قياما فهذا لا شك أنه عنده إعجاب بنفسه وكبرياء لكن بالنسبة للمدخول عليهم هذا الحكم.
فصار القيام ثلاثة أقسام: التعدي بإلى، والتعدي بعلى، والتعدي باللام.