فوائد حديث : ( ... وقال كعب بن مالك : دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ) . حفظ
الشيخ : وفيه المصافحة والتهنئة بالأمر السار، ولا يحتاج في هذا إلى توقيف، يعني لو أن أحدا أتاه ما يسره فهنأناه لا يحتاج أن يقال هل هنأ الصحابة على مثل هذه الحال أو لا ؟ لأنه إذا وجد أصل المسألة، فلا حاجة إلى أن ينص على كل فرد منها لأن الاعتبار بالجنس.
ولهذا قلنا إن إهداء القرب والعبادات إلى الأموات جائز وإن كان ذلك لم يرد إلا في الصدقة والحج والصوم، لكن نقول ما دام هذا الجنس وقع وهي قضايا أعيان، يعني إنما تخصصت بهذا اتفاقا، يعني فلو وجد شيء آخر هل يمانع الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك مثلا ؟
وهذه مسألة قل من ينتبه لها، وهي أن العبرة بالجنس لا بالنوع أو بالفرد، خصوصا في قضايا الأعيان التي ليست قولا، أما القول فنعم، إذا جاء القول مخصصا بشيء تخصص به، لكن إذا جاءت قضايا الأعيان وقعت من جنس فإنه لا يحتاج إلى أن ينص على كل فرد من أفراد هذا الجنس أو كل نوع منه.
فإذا كان الرسول أقر إهداء القرب من صدقة وحج وصوم، لأنها وقعت في عهده فإننا نقول غيرها مثلها، لأن الكل عبادة، لكن لم يقع في عهد الرسول إلا هذا الأمر، وما وقع اتفاقا قد علمتم أنه لا يكون شرعا، بمعنى أنه لا يتخصص به.
كذلك لما هنئ كعب بن مالك بتوبة الله عليه لا يقال إننا لا نهنئ أحدا إلا بالتوبة، نهنئ الإنسان بكل ما يسره من أمور دينه وأمور دنياه، حتى لو فرض أنه ربح في بيعة ربحا غير معتاد فإننا نهنئه لأنه يسر بذلك.
نعم، لا يهنأ بشيء يسره وهو معصية، لأن التهنئة بالمعصية رضا بها، ولهذا نقول لا يجوز أن يهنأ المشركون بأعيادهم مطلقا باتفاق العلماء، لأن تهنأتهم بذلك معناه التهنئة بالشرك والكفر والإقرار على دينهم.