تفسير قوله تعالى : (( يأيها الذين أمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدون ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا وليس بضآرهم شيأ إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) . وقوله : (( يأيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم. ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوة وأتوا الزكوة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) . حفظ
الشيخ : ثم أتى المؤلف رحمه الله بالآية : (( يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى )) ليبين رحمه الله أن المناجاة نوعان :
نوع مأذون فيها، ونوع منهي عنها.
المأذون فيها ما كانت برا وتقوى.
والمنهي عنها ما كانت إثما وعدوان ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام.
فالإثم أن يتناجى اثنان لفعل منكر، كأن يتناجيا على شرب الخمر وما أشبه ذلك.
والعدوان أن يتناجيا على منكر متعد للغير، كأن يتناجيا على سرقة مال.
ومعصية الرسول أن يتناجيا في مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تنظيم الأمور كالجهاد أو غيره، وبما نقول من ينوب مناب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقوم مقامه في هذا الباب، فلا يتناجى اثنان في معصية من ولي الأمر، إذا كان أمره هذا مما تجب طاعته.
ثم قال : (( وتناجوا بالبر والتقوى )) البر معناه الخير والإحسان كأن يتناجى اثنان على القيام بطاعة الله عز وجل.
والتقوى كأن يتناجيا على ترك المحرم.
لكن بقي قسم ثالث لأن القسمة العقلية تقتضي أن تكون المناجاة ثلاثة أقسام: آثمة، وبارة، والثالث لا آثمة ولا بارة.
فالتي ليست فيها إثم ولا بر هذه مباحة لا يؤمر بها ولا ينهى عنها، لكن إن تضمنت برا عرضا صارت من البر، وإن تضمنت إثما عرضا صارت من الإثم.
(( واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) أمرنا عز وجل بتقواه، وأشار إلى أنه لا بد أن نلاقيه فيسألنا عما التزمنا به من هذا الأمر، ولهذا قال : (( الذي إليه تحشرون )).
ثم قال : (( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا )) وهذا يفعله كثير من المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يتناجون ويتواشون فيما بينهم، وكلما ناجى أحدهما صاحبه نظر إلى واحد من المؤمنين يخيفه، كأنه يتوعده، كل ما تكلم شوي نظر إلى هذا، كأنه يقول نحن نتآمر عليك، قال الله عز وجل : (( ليحزن الذين آمنوا )) أي ليلقي الحزن في قلوبهم، (( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله )) يعني هذا التناجي حتى وإن كان مؤامرة على المؤمنين فلن يضرهم إلا بإذن الله ، وإذا كان بإذن الله فالمؤمن يرضى بما أذن الله به سبحانه وتعالى.
(( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) يعني أمرنا بأن نتوكل على الله وأن لا يهمنا تآمر هؤلاء وتناجيهم لإحزاننا.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن كل ما يحزن الإنسان فإنه من الشيطان، كل شيء يوجب الحزن فإنه من الشيطان، حتى لو كان من تقدير الله فإن بعث الحزن على ما قدر الله حزنا يصحبه السخط هذا من الشيطان، أما الحزن الطبيعي الذي لا يصحبه السخط فهذا ليس من الشيطان، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رفع له ابنه إبراهيم وهو في النزع قال عليه الصلاة والسلام : ( العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ).
فالحاصل أن الشيطان يفعل مثل هذه الأشياء أو يأمر بها أولياءه من أجل إحزان المؤمنين.
ومن ذلك أيضا ما يريه الشيطان النائم من المرائي المكروهة التي تمرض الإنسان، ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاثا ويقول : أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ، وألا يحدث بها أحدا، وأن ينقلب من الجنب الذي كان نائما عليه إلى الجنب الآخر ، وإذا عادت إليه فليقم وليتوضأ وليصل، فإذا فعل هذا فإنها لا تضره مهما كانت ومهما تكررت، وكثير من المرائي المحزنة تكرر على الإنسان حتى يقول القائل هذه ليست حلما من الشيطان بل هذه رؤيا ، وإلا فلماذا كررت، فإذا حصل هذا فدواؤه ما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تزول ولا تعود.
ثم قال : وقوله (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر ))
قوله : (( إذا ناجيتم الرسول )) أي أردتم مناجاته، والدليل على ذلك قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )) ولو كانت المناجاة قد مضت لم يصح قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم )) يعني إذا أردتم مناجاة الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، وهذا كان في أول الأمر، لأنه كثرت مناجاة الرسول عليه الصلاة والسلام حتى جاء من يناجي الرسول صلى الله عليه وسلم بصدق، يعني أنه محتاج إلى مناجاته ومن لم يكن كذلك، لكن لمحبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحبون أن يناجوه دائما، وتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حييا كريما يستحيي أن يمنعهم، فأراد الله عز وجل أن يختبر المؤمنين لينظر الصادق من غيره، فأمرهم إذا أرادوا المناجاة أن يقدموا صدقة، وصدقة مطلقة لم تبين تشمل القليل والكثير.
قال (( ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )) يعني فإن لم تجدوا فلا حرج عليكم، لأن الجزاء هنا مغفرة ورحمة، وكلما كان الجزاء مغفرة ورحمة فمعناه سقوط المؤاخذة.
ويدل لهذا قوله تعالى في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) يعني لمغفرته ورحمته أسقط عنهم المؤاخذة.
فهنا قال : (( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )).
وهذا الحكم لا غرابة فيه، أعني سقوط وجوب تقديم الصدقة لمن لم يجد، لأنه بني على قاعدة أصيلة في الشريعة وهي أنه لا واجب مع العجز، وأن جميع الواجبات تسقط بالعجز.
ثم قال : (( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) يعني أخفتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فيكون ذلك شاقا عليكم لأنه قد يكون الإنسان محتاجا إلى المناجاة وإن كانت ليست تلك الحاجة، وإلا فإن المحتاج الذي يقدر على الصدقة يتصدق والذي لا يقدر مرفوع عنه.
لكن مع ذلك شق عليهم، قد يكون عند الإنسان شيء حاضر عند إرادة مناجا ة النبي صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم، ولهذا قال : (( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة )) يعني فقد عفونا عنكم وسقط هذا الوجوب، لكننا أمرنا بما نؤمر به من تحقيق إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، (( وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )).
هاتان الآيتان ليس فيهما ما تتضمنه الترجمة إلا اسم إيش ؟ المناجاة.
نوع مأذون فيها، ونوع منهي عنها.
المأذون فيها ما كانت برا وتقوى.
والمنهي عنها ما كانت إثما وعدوان ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام.
فالإثم أن يتناجى اثنان لفعل منكر، كأن يتناجيا على شرب الخمر وما أشبه ذلك.
والعدوان أن يتناجيا على منكر متعد للغير، كأن يتناجيا على سرقة مال.
ومعصية الرسول أن يتناجيا في مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تنظيم الأمور كالجهاد أو غيره، وبما نقول من ينوب مناب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقوم مقامه في هذا الباب، فلا يتناجى اثنان في معصية من ولي الأمر، إذا كان أمره هذا مما تجب طاعته.
ثم قال : (( وتناجوا بالبر والتقوى )) البر معناه الخير والإحسان كأن يتناجى اثنان على القيام بطاعة الله عز وجل.
والتقوى كأن يتناجيا على ترك المحرم.
لكن بقي قسم ثالث لأن القسمة العقلية تقتضي أن تكون المناجاة ثلاثة أقسام: آثمة، وبارة، والثالث لا آثمة ولا بارة.
فالتي ليست فيها إثم ولا بر هذه مباحة لا يؤمر بها ولا ينهى عنها، لكن إن تضمنت برا عرضا صارت من البر، وإن تضمنت إثما عرضا صارت من الإثم.
(( واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) أمرنا عز وجل بتقواه، وأشار إلى أنه لا بد أن نلاقيه فيسألنا عما التزمنا به من هذا الأمر، ولهذا قال : (( الذي إليه تحشرون )).
ثم قال : (( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا )) وهذا يفعله كثير من المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يتناجون ويتواشون فيما بينهم، وكلما ناجى أحدهما صاحبه نظر إلى واحد من المؤمنين يخيفه، كأنه يتوعده، كل ما تكلم شوي نظر إلى هذا، كأنه يقول نحن نتآمر عليك، قال الله عز وجل : (( ليحزن الذين آمنوا )) أي ليلقي الحزن في قلوبهم، (( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله )) يعني هذا التناجي حتى وإن كان مؤامرة على المؤمنين فلن يضرهم إلا بإذن الله ، وإذا كان بإذن الله فالمؤمن يرضى بما أذن الله به سبحانه وتعالى.
(( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) يعني أمرنا بأن نتوكل على الله وأن لا يهمنا تآمر هؤلاء وتناجيهم لإحزاننا.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن كل ما يحزن الإنسان فإنه من الشيطان، كل شيء يوجب الحزن فإنه من الشيطان، حتى لو كان من تقدير الله فإن بعث الحزن على ما قدر الله حزنا يصحبه السخط هذا من الشيطان، أما الحزن الطبيعي الذي لا يصحبه السخط فهذا ليس من الشيطان، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رفع له ابنه إبراهيم وهو في النزع قال عليه الصلاة والسلام : ( العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ).
فالحاصل أن الشيطان يفعل مثل هذه الأشياء أو يأمر بها أولياءه من أجل إحزان المؤمنين.
ومن ذلك أيضا ما يريه الشيطان النائم من المرائي المكروهة التي تمرض الإنسان، ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاثا ويقول : أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ، وألا يحدث بها أحدا، وأن ينقلب من الجنب الذي كان نائما عليه إلى الجنب الآخر ، وإذا عادت إليه فليقم وليتوضأ وليصل، فإذا فعل هذا فإنها لا تضره مهما كانت ومهما تكررت، وكثير من المرائي المحزنة تكرر على الإنسان حتى يقول القائل هذه ليست حلما من الشيطان بل هذه رؤيا ، وإلا فلماذا كررت، فإذا حصل هذا فدواؤه ما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تزول ولا تعود.
ثم قال : وقوله (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر ))
قوله : (( إذا ناجيتم الرسول )) أي أردتم مناجاته، والدليل على ذلك قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )) ولو كانت المناجاة قد مضت لم يصح قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم )) يعني إذا أردتم مناجاة الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، وهذا كان في أول الأمر، لأنه كثرت مناجاة الرسول عليه الصلاة والسلام حتى جاء من يناجي الرسول صلى الله عليه وسلم بصدق، يعني أنه محتاج إلى مناجاته ومن لم يكن كذلك، لكن لمحبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحبون أن يناجوه دائما، وتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حييا كريما يستحيي أن يمنعهم، فأراد الله عز وجل أن يختبر المؤمنين لينظر الصادق من غيره، فأمرهم إذا أرادوا المناجاة أن يقدموا صدقة، وصدقة مطلقة لم تبين تشمل القليل والكثير.
قال (( ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )) يعني فإن لم تجدوا فلا حرج عليكم، لأن الجزاء هنا مغفرة ورحمة، وكلما كان الجزاء مغفرة ورحمة فمعناه سقوط المؤاخذة.
ويدل لهذا قوله تعالى في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) يعني لمغفرته ورحمته أسقط عنهم المؤاخذة.
فهنا قال : (( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )).
وهذا الحكم لا غرابة فيه، أعني سقوط وجوب تقديم الصدقة لمن لم يجد، لأنه بني على قاعدة أصيلة في الشريعة وهي أنه لا واجب مع العجز، وأن جميع الواجبات تسقط بالعجز.
ثم قال : (( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) يعني أخفتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فيكون ذلك شاقا عليكم لأنه قد يكون الإنسان محتاجا إلى المناجاة وإن كانت ليست تلك الحاجة، وإلا فإن المحتاج الذي يقدر على الصدقة يتصدق والذي لا يقدر مرفوع عنه.
لكن مع ذلك شق عليهم، قد يكون عند الإنسان شيء حاضر عند إرادة مناجا ة النبي صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم، ولهذا قال : (( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة )) يعني فقد عفونا عنكم وسقط هذا الوجوب، لكننا أمرنا بما نؤمر به من تحقيق إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، (( وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )).
هاتان الآيتان ليس فيهما ما تتضمنه الترجمة إلا اسم إيش ؟ المناجاة.