شرح حديث سيد الإستغفار . حفظ
الشيخ : أما الحديث ففيه أن سيد الاستغفار أن يقول الإنسان: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت ) طيب، ( على عهدك ) أي على ما عاهدتك عليه من الطاعة، لأن الله تعالى عاهد بني ءادم على الطاعة، ( ووعدك ) الإيمان بما وعدت، فالإنسان عند فعل الطاعات يستشعر شيئين، الشيء الأول أنه قائم بالعهد، والشيء الثاني أنه مصدّق بالوعد، ولهذا قال أنا على عهدك ووعدك، لأنه إذا قام بالعهد وصدّق بالوعد صار منطبقا عليه أنه فعل الشيء إيمانا، إيش؟ إيمانا واحتسابا، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا ) فالعهد والوعد، قلنا العهد الطاعة، والوعد، أه؟ الإيمان بما وعد الله من الثواب عليه، يعني وأنا مصدّق بما وعدت.
وقوله ( ما استطعت ) لأن ما لا يُستطاع لا يُكلّف الإنسان به كما قال تعالى (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها )) .
( أعوذ بك من شر ما صنعتُ ) وإلا ما صنعتَ؟
السائل : صنعتُ.
الشيخ : أه؟ هنا من شر ما صنعتُ، ولا شك أنا أيضا نستعيذ من شر ما خلق الله (( قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ ما خَلَقَ )) ، لكن هنا من شر ما صنعْتُ أنا. طيب.
و"ما" هنا موصولة أو مصدرية؟ إن كان هي موصولة فتقدير الكلام: من شر الذي صنعته، ويكون العائد محذوفا، وإن كانت مصدرية صار تقدير الكلام من شر صنعي، وعلى كل حال المعنى لا يختلف في أن "ما" مصدرية أو موصولة أنك تستعيذ الله من شر ما صنعت من الأعمال السيّئة.
( أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي ) أبوء بمعنى أعترف ( بنعمتك علي ) ، والنعمة هنا مفرد مضاف فيشمل جميع النعم الدينية والدنيوية، ( وأبوء بذنبي ) أعترف به، وما من إنسان إلا وله ذنب قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( كل بني ءادم خطاء وخير الخطائين التوابون ) ، وما أكثر ذنوبنا، لو قلنا إن ذنوبنا أكثر من طاعاتنا لكنا صادقين، ليش؟ لأن طاعاتنا مخلوطة بذنوب، من الذي يُتقن طاعته على الوجه المطلوب إلا نادرا، ففي كل طاعة ذنب، لكن صحيح أن الحمد لله، صحيح والحمد لله أن الطاعات حسنات، وقد قال الله تعالى (( إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ )) فأخطاؤنا كثيرة، ولهذا قال ( أبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) الشاهد من هذا الحديث قوله ( فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) وإنما كان هذا سيد الاستغفار لما فيه من التوحيد والاعتراف بالذنب وتقرير الإيمان والاعتراف بالنعم فهو أبلغ مما لو قال الإنسان " اللهم اغفر لي " ، ولهذا كان سيد الاستغفار.
أما ثواب هذا فيقول ( من قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنّة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنّة ) إذن فينبغي لنا أن نحفظ هذا الحديث وأن نحرص على أن نقوله ليلا ونهارا. نعم.