شروط التوبة . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى : باب التوبة. التوبة هي الرجوع إلى الله عز وجل من معصيته إلى طاعته، ولها شروط خمسة:
الأول: الإخلاص لله عز وجل بأن لا يحمل الإنسان على التوبة خوف مخلوق أو رجاء مخلوق.
والثاني: الندم على ما فعل من المعصية بحيث يحزن ويسوؤه ما جرى منه.
والثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال.
والرابع: العزم على أن لا يعود في المستقبل.
والخامس: أن تكون في الوقت ... المقبولة فيه، وذلك بأن يكون بالنسبة لكل إنسان قبل حضور الأجل، وبالنسبة لعموم الناس قبل طلوع الشمس من مغربها، وذلك لأن الإنسان إذا حضره الأجل فلا توبة له، كما قال الله تعالى: (( وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ )) ، وكذلك من تاب بعد أن تطلع الشمس من مغربها فإنه لا توبة له لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : ( لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) .
هذه شروط خمسة لكون التوبة مقبولة.
والتوبة واجبة لأمر الله تعالى بها، ولأن الإنسان إذا أصر على المعصية صارت الصغيرة كبيرة، واختلف العلماء رحمهم الله هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره؟ فمن العلماء من قال إن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، ومنهم من قال إنها لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره إذا كان من جنسه، فلو تاب مثلا من نظر النساء المحرّم إلى مكالمتهن أو من مكالمتهن إلى النظر إليهن فإن التوبة لا تُقبل لأن الذنب جنس واحد، بخلاف ما لو تاب من الكذب ولكنه تعامل بالربا فإن التوبة من الكذب تصح لأن الذنب ليس من جنس الذنب الأخر.
ولكن الصحيح أن من تاب من ذنب فإن الله تعالى يتوب عليه لعموم الأدلة الدالة على ذلك حتى وإن أصر على جنسه فإن الله تعالى يتوب عليه.
وابن القيم رحمه الله لما تكلّم على هذه المسألة في "مدارج السالكين" قال إن المسألة لها غور يعني لها عمق، ولكن التحقيق في هذه المسألة أن يقال أما التوبة المطلقة التي يستحق بها الإنسان الثناء ويُجعل من التوابين فهذه لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره لأنه لا يصح أن نصف هذا بالتوّاب وهو يفعل المعاصي.
وأما مطلق التوبة فإن الصحيح أنها تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، لكن لا يصح ... الرجل أن يوصف بأنه من التوابين، بل يُقال هو تائب ولا يقال تواب.