هذا الرفع هل يكون رفعاً مبالغاً فيه أم رفعاً يسيراً إلى الصدر أم ماذا ؟ حفظ
الشيخ : ثم هذا الرفع هل يكون رفعا مبالغا فيه أو رفعا يسيرا إلى الصدر أم ماذا؟ يقول أهل العلم إنه إذا بالغ الإنسان في الابتهال فينبغي أن يزيد في الرفع، ويكون رفع اليدين هنا مطابقا لرفع القلب، والإنسان كلما اشتد ابتهاله إلى الله اشتد ارتفاع قلبه إلى الله وتعلّقه بالله، فإذا اشتد الابتهال إلى الله اشتد الرفع.
وهذا كما أنه هو الموافق للشرع فيما يظهر فهو الموافق أيضا للفطرة، فإن الإنسان من شدّة الابتهال أحيانا يحس وكأنه يريد أن ينتزع إلى السماء كله بجملته، فيكون في هذا رفع مبالغة.
وهل ما ثبت في صحيح مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلّم استسقى فرفع يديه وجعل ظهورهما نحو السماء، هل هذا من باب المبالغة، أو هو صفة لوضع اليدين أو صفة لحال اليدين؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من قال إن هذا من باب المبالغة في الرفع، وكأنه لما اشتد رفعه عليه الصلاة والسلام كأن ظهورهما صارت إلى السماء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال إنه لا يشرع أن الإنسان يقلب يديه عند الدعاء، لأن الإنسان مستجدي، والمستجدي ليس يقلب يديه على الظهر، وإنما يجعل يديه على البطون، يجعل بطونهما هكذا، لكن مع شدّة الرفع يتخيّل الرائي أن ظهورهما نحو السماء.
وقال بعض العلماء بظاهر الحديث وأنه في الاستسقاء ينبغي أن يقول هكذا، يجعل هكذا ظهورهما نحو السماء، ثم عدّاه بعضهم إلى أوسع من ذلك، وقال إن كان الدعاء بطلب حصول محبوب فبالبطون هكذا، وإن كان بدفع مكروه فبالظهور هكذا، نعم، ولكن هذا من يقول بهذه القاعدة إلا إذا ثبت.
فالحاصل أن الصحيح في هذه المسألة أن الدعاء ببطون الأكف لكن يُبالغ فيهما عند الابتهال وشدة التضرع إلى الله عز وجل.