شرح باب التعوذ من عذاب القبر . حفظ
الشيخ : أما هذا الذي الباب الجديد في درس الليلة، فهو التعوّذ من عذاب القبر. عذاب القبر ثابت بالقرءان وبالسنّة وبإجماع المسلمين.
أما القرءان فقد قال الله تعالى: (( وَلَو تَرى إِذ يَتَوَفَّى الَّذينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضرِبونَ وُجوهَهُم وَأَدبارَهُم )) ، وقال الله تعالى: (( وَلَو تَرى إِذِ الظّالِمونَ في غَمَراتِ المَوتِ )) يعني سكراته، (( وَالمَلائِكَةُ باسِطو أَيديهِم أَخرِجوا أَنفُسَكُمُ )) طلعوها من أجسادكم لأن أنفس الكفار إذا بشّرت بالعذاب والغضب والعياذ بالله اشمأزت ونكصت وتفرّقت في البدن خوفا وهربا، ولهذا يكون الإنسان شحيحا بها فيُطالب مطالبة (( أَخرِجوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ تُجزَونَ عَذابَ الهونِ )) اليوم "أل" هنا للعهد الحضوري، يعني هذا اليوم الذي هو يوم وفاتهم (( تُجزَونَ عَذابَ الهونِ بِما كُنتُم تَقولونَ عَلَى اللَّهِ غَيرَ الحَقِّ وَكُنتُم عَن ءاياتِهِ تَستَكبِرونَ )) . هاتان ءايتان.
الأية الثالثة قوله تعالى في ءال فرعون (( النّارُ يُعرَضونَ عَلَيها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَومَ تَقومُ السّاعَةُ أَدخِلوا ءالَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذابِ )) ، فقوله: (( يُعرَضونَ عَلَيها غُدُوًّا وَعَشِيًّا )) واضح أنهم الأن، ويوم تقوم الساعة يدخَلون أشدّ العذاب، نسأل الله العافية.
أما السنّة فتكاد تكون متواترة في ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أخبر أصحابه أن الإنسان يُعذّب في قبره إذا سأله منكر بل إذا سأله الملكان عن ربه ودينه فلم يُجِب يُضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لهلك لصعق.
وثبت عنه أنه مر بقبرين فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ) أي في أمر شاق عليهما، ( أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الأخر فكان لا يستنزه من البول ) .
وأمر صلى الله عليه وسلّم أمته أن يتعوّذوا بالله من عذاب القبر.
أما الإجماع فإن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، عامتهم وخاصتهم.
فإذن يكون عذاب القبر ثابتا بالقرءان والسنّة وإجماع المسلمين.