رد الشيخ على من استدل بهذا الحديث على أنه لا ينبغي رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة وحث الطلاب على اتباع النص . حفظ
الشيخ : ومن العجب أن بعض الناس استدل بهذا الحديث على أنه لا ينبغي رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة، نعم، فيه دليل؟
السائل : لا.
الشيخ : لا. أولا: هذا ما ورد في الصلاة.
وثانيا: لو فرضنا إنه ورد في الصلاة فالنبي عليه الصلاة والسلام لم ينهى عن رفع الصوت مطلقا إنما نهى عن إيش؟
السائل : المشقة.
الشيخ : عن المشقة ( اربعوا على أنفسكم ) والإنسان إذا رفع صوته رفعا معتادا فإنه لا يشق على نفسه.
ثم إن هذا رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة ورد فيه حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
فما موقفنا أمام الله أن نذهب لنؤول هذا الحديث تأويلا بعيدا لأننا نعتقد أنه غير مشروع، وهذا من مضرّة التقليد، واعتقاد الإنسان الشيء قبل أن يستدل عليه، هذا من مضرّته لأنك إذا اعتقدت شيئا ثم وجدت نصا يخالف ما تعتقد ماذا تعمل؟
السائل : تؤول النص.
الشيخ : تحاول أن تنزّل النص على ما تعتقد ولو بلي عنقه بل ولو بكسر عنقه، ما يهم، المهم أن لا يخالف ما أعتقد، وهذا خطأ، خطأ عظيم جدا، اجعلك تابعا للنصوص لا متبوعا لها، هذا إن كنت عابدا لله حقا ومتبعا للرسول صلى الله عليه وسلّم حقا.
أحيانا يمر بنا من علماء أجلاء يمر بنا أحاديث نعلم علم اليقين أنهم حرفوها تحريفا واضحا، ليش؟ لأنهم كانوا يعتقدون خلافه مع أنهم أجلاء لكن المشكلة النفس قد يصعب عليها أن تتحوّل عما تعتقد ويسهل عليها أن تؤوّل ما تستدل به، وهذا ليس بجيد.
قال بعض الناس: إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجهر بالذكر عقب الصلاة ليعلّم الناس، فنقول أنتم الأن تعتقدون إنه غير مشروع وأنه بدعة، فكيف يفعل الرسول صلى الله عليه وسلّم البدعة ليعلّم الناس مع أنه يمكنه أن يعملهم بغير هذه الطريق، وش يعلمهم بإيش؟
السائل : بالتوصية.
الشيخ : يقول قولوا، قولوا كذا وكذا، مثل ما قال لهم: ( ألا أخبركم بشيء تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم تسبّحون وتحمدون وتكبّرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) قد علّمهم وانتهى، يكرّر هذا كل صلاة علشان يعلّم، وهو عندكم غير مشروع وليس من شريعة الله؟! هذا ما هو معقول.
ثم نقول تنزّلنا معكم أنه يعلم الناس، فهو يعلم الناس الذكر وصفة الذكر، كأنما يقول اذكروا الله بما أقول، واجهروا به كما جهرت. نحن نقبل إنه للتعليم لكن لتعليم أصل الذكر وتعليم صفة الذكر.
طيب، جاءونا من جهة ثانية قالوا خرج النبي صلى الله عليه وسلّم على أصحابه وهم يصلون في الليل ويرفع بعضهم بعضا القراءة، فقال: ( لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ) ؟ نقول هذا والله هذا جيد، اعتراض جيد، لكن لماذا كان يرفع صوته بعد الصلاة؟ هذا شيء وهذا شيء ءاخر.
أيضا القراءة مختلفة، هذا يقرأ في أول القرءان وهذا في وسطه وهذا في ءاخره، فيحصل التصادم والتشويش، لكن الذكر الناس فيه سواء ما يحصل تشويش، صحيح يحصل تشويش لو كان أحد يقضي جنبك، يقضي صلاته فحينئذ نقول لا ترفع صوتك، لأنك إن رفعت صوتك وهو جنبك سوف تشوّش عليه قطعا، حينئذ نقول عرض للفاضل ما جعله مفضولا وذلك لمراعاة هذا المصلي حتى لا أشوّش عليه، أما إذا كان الناس كلهم ما في أحد يقضي، أو في ناس يقضون وراءنا ولا يتشوّشون منا لماذا نعارض السنّة بشيء غير حقيقي.
فأنا أعلمكم الأن الأدب في تلقي النصوص، لا تقولوا والله العالم الفلاني قال كذا وكذا، والعالم الفلاني قال كذا وكذا، انظر النص لأن الله يقول: (( وَيَومَ يُناديهِم فَيَقولُ ماذا أَجَبتُمُ )) .
السائل : المرسلين.
الشيخ : أه؟
السائل : المرسلين.
الشيخ : (( المُرسَلينَ )) ، فهذا في الرسالة، (( وَيَومَ يُناديهِم فَيَقولُ أَينَ شُرَكائِيَ الَّذينَ كُنتُم تَزعُمونَ )) هذا في التوحيد، فيُسأل الإنسان عن هذين الأمرين، من كان يعبد من دون الله، والثاني من كان يتبع من غير رسول الله (( ماذا أَجَبتُمُ المُرسَلينَ )) فالإنسان يُسأل يوم القيامة ماذا أجاب المرسلين لا ماذا أجاب فلانا وفلانا.
شيخ الإسلام رحمه الله مذهبه إيش؟
السائل : حنبلي.
الشيخ : حنبلي لا شك، ومن الحنابلة، متفق عليه، ومع ذلك يخرج كثيرا عن مذهب الحنابلة إلى المذاهب الأخرى، أحيانا يطلع عن كل المذاهب الأربعة اتباعا للدليل، له مسائل متعدّدة انفرد بها عن المذاهب الأربعة لا عن إجماع الأمة لا، لكن انفرد بها عن المذاهب الأربعة لأنه رجل يتبع الدليل وإن كان على مذهب الحنابلة.
فالحاصل إني أقول الواجب عليكم أن تتبعوا النص، وإذا رأيتم بعض أهل العلم تأوّله فادعوا له بالمغفرة، ادعوا له بالمغفرة، ولا تجعلوا خطأه خطأ لكم لأنكم لن تحاسبوا على فهمه، إنما تحاسبون على فهمكم أنتم وعلى علمكم أنتم. نعم.
السائل : قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن ... أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) ، وقوله في الحديث الأخر: ( من تقرّب إلي شبرا تقرّبت إليه باعا ) ، هل القرب ... يزداد؟ في الحديث الأول ... مقيد؟
الشيخ : نعم.
السائل : ... يا شيخ؟
الشيخ : إي نعم.
السائل : عنق راحلته.
الشيخ : هو هؤلاء الجماعة لما كانوا يرفعون أصواتهم فرفع الصوت إنما يكون لمن يعتقد أن الشيء بعيد، فبيّن الرسول عليه الصلاة السلام إن الله قريب وضرب مثلا بذلك.
أما المسألة الثانية فهي مسألة التعبّد إذا تقرّب الإنسان إلى الله بالعبادة تقرّب الله إليه.