باب : الصبر عن محارم الله. وقوله عز وجل : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )) . وقال عمر : وجدنا خير عيشنا بالصبر . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال البخاري رحمه الله تعالى : باب : الصبر عن محارم الله. وقوله عز وجل : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )) . وقال عمر : " وجدنا خير عيشنا بالصبر " .
الشيخ : سبق الكلام على الصبر وأقسامه ، وقوله تعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم )) أي يعطى الصابرون أجرهم ، بغير حساب : يعني أن ليس كغيره من الأعمال الصالحة ، الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، بل هذا أجر أكثر من أن يحصر ، فهو بغير حساب ، وقول عمر : " وجدنا خير عيشنا بالصبر " هذه حكمة بالغة ، أن الإنسان إذا صبر ، فإنه يعيش عيشة راضية ، لأنه لا ينظر إلى من فوقه ، فيستقل ، فيستقل ما أعطاه الله ، بل ينظر إلى من تحته ، حتى يعرف أن الله أعطاه ،أكثر منه ، ولقد جاء في الحديث : ( لا تنظروا إلى من هو فوقكم ولكن انظروا إلى من هو أسفل منكم ، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم ) ، يعني ألا تحتقروها ، لأن الإنسان لو نظر إلى من هو أعلى منه ، قال ما عندي شيء ، فإذا نظر إلى من دونه ، عرف قدر نعمة الله ، فمثلاً إذا كان الإنسان ضعيف البدن ، لا ينظر إلى قوي البدن ، إن نظر إلى قول البدن إستقل ، ما أعطاه الله ولكن ينظر إلى من هو أضعف منه ، إذا كان قليل ذات اليد ماعنده فلوس ، لا ينظر إلى من هو أغنى منه ، لأنه لو نظر إلى من هو أغنى منه لاستقل ما أعطاه الله ولكن انظر إلى من هو أفقر منه ، وهلم جرا ، حتى في مسائل الدين ، لا تنظر إلى من هو أعلى منك ، لأنك إذا نظرت إلى من هو أعلى منك ، احتقرت نعمة الله عليك ، ولكن سابق غيرك في دين الله ، سابقه ، حتى تنال ما ينال ، فالنظر إلى من هو فوقك في الدين ، إن كنت تريد بنظرك أن تسابقه حتى تصل إلى ما وصل إليه ، فهذا خير ، وإن كان نظرك إلى من هو أعلى منك في الدين يستلزم احتقارك لنعمة الله عليك بما أنعم به فإنك لا تنظر ، قد ينظر الإنسان مثلاً إلى رجل صائم قائم مجاهد باذل ، عالم معلم ، فيجد نفسه ليس في هذه المنزلة ، فيحتقر نعمة الله عليه بما أنعم عليه من الدين ، الذي إذا نظر من تحته من الفساق ، والكفار عرف قدر نعمة الله ، فهنا ينظر إلى من هو فوقه أومن هو دونه
القارئ : من هو دونه
الشيخ : من هو دونه ، أما إذا نظر من هو فوقه من أجل أن يرتقي إلى مرتبته ويسابقه ، فهذا خير ، هذا خير .