فوائد حديث الأشعث بن قيس . حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث أن هذه اليمين من كبائر الذنوب، الذي يحلف على يمين كاذبة يقتطع بها مال رجل مسلم، والاقتطاع نوعان : إما جحد ما هو له يعني ما هو لغيره، وإما ادعاء ما ليس له أي ما ليس للمدعي، فإذا ادعي على شخص بأن في ذمته لفلان كذا وكذا، وأنكر فهذا اقتطاع ما وجب عليه، وإذا ادعى على شخص بأن في ذمته كذا وكذا له ثم حلف على ما ادعى به فهذا إيش؟ اقتطاع ما عند غيره، فالاقتطاع نوعان : إما جحد ما عليه، وإما ادعاء ما ليس له.
وقوله : ( وهو عليه غضبان ) جملة حالية من لفظ الجلالة : ( لقي الله ).
وفيه إثبات الغضب لله سبحانه وتعالى، والقاعدة عند السلف أن الغضب صفة حقيقة ثابتة لله عز وجل تليق به، وأخطأ من فسرها بأنها الانتقام، لأن الانتقام فعل وليس غضباً بل هو نتيجة الغضب كقوله تعالى : (( فلما آسفونا انتقمنا منهم )) آسفونا يعني أغضبونا، ومعلوم أن الجزاء غير الشرط، وآسفونا شرط، وانتقامنا جزاء.
وقد أنكر الأشاعرة وغيرهم من أهل التعطيل أنكروا وصف الله بالغضب وقالوا لأن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وهذا لا يليق بالله، وجوابنا على هذا سهل أن نقول هذا غضب المخلوق، أما غضب الخالق فإنه يليق به، ونقول لهم أنتم أثبتم الإرادة أن الله يريد وصححتم وصف الله بالإرادة مع أن الإرادة ميل المريد إلى ما ينفعه أو يدفع عنه مضرة، ومعلوم أن الله تعالى لا ينتفع بشيء ولا يضره شيء، فإذا قالوا هذه إرادة المخلوق، قلنا قولوا أيضاً هذا غضب المخلوق، وأثبتوا للخالق غضباً يليق به كما أثبتم له إرادة تليق به، وإلا فأنتم متناقضون.