فوائد حديث : ( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) حفظ
الشيخ : فيه دليل على وقوع الخصومة بين الأقارب وأنها لا تنكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الأشعث بن قيس الخصومة مع ابن عمه.
وفيه أيضاً من الفقه أنه ليس للمدعي إلا يمين المدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة حتى وإن كان متهماً بالكذب لأن الأشعث لما قال : " إذن يحلف عليها " بين له النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا حلف كاذباً فعليه هذا الوعيد، ولم يقل إذن لك ما ادعيت به.
ومن فوائد هذا الحديث أنه يُسأل المدعي أولاً هل لك بينة أو لا ؟ فإذا قال لي بينة أقامها وإلا حلف المدعى عليه.
واختلف العلماء هل للقاضي أن يحلف المدعى عليه من غير طلب المدعي ؟ أو لا بد أن يطلب المدعي ؟ فمن العلماء من قال إن للقاضي أن يحلف المدعى عليه وإن لم يسأل المدعي، ومنهم من قال لا يحلفه إلا إذا طلب المدعي ذلك. فمثلاً إذا قال للمدعي هل لك بينة ؟ قال : لا، فهل يوجه اليمين إلى المدعى عليه ويقول احلف أن المدعي لا يستحق عليك شيئاً؟ أو ينتظر حتى يقول المدعي حلفه؟ من نظر إلى قرينة الحال قال إنه لا يحتاج إلى طلب المدعي، لماذا ؟ لأن الحال تقتضي أن المدعي يطلب اليمين، ومن نظر إلى ظاهر سياق القضية قال إنه لا بد من أن يطلب المدعي اليمين لأن الحق لمن؟ الحق للمدعي فلا بد من أن يطلب اليمين.
ثم إذا حلف المدعى عليه فهل تكون اليمين مزيلة للحق أو هي قاطعة للخصومة ؟ الثاني اليمين تقطع الخصومة وتفرق بين المتخاصمين وتنتهي القضية، فلو قامت بينة بعد اليمين بصحة ما قال المدعي فإنه يؤخذ بالبينة ويحكم للمدعي بها.
طيب، إذا قال المدعي ما لي بينة، ثم أقام بينة بعد ذلك، فهل تقبل ؟ قال الفقهاء لا تقبل لأن إقامتها بعد قوله ما لي بينة تناقض فإنه نفى أن يكون له بينة في الأول فكيف يقيمها ؟ نقول أنت قد أكذبت نفسك. لكن لو كان ذكياً وقال لا أعلم لي بينة ثم أقامها بعد فإنها تقبل، لأن نفي العلم لا يقتضي العدم، وهو يقول لا أعلم لأنه قد يكون نسيها أو قد تكون البينة شهدت وهو لم يدر بها أو ما أشبه ذلك.
بخلاف ما إذا قال لم يكن، الفرق ؟ الأخ ؟
إذا قال ليس لي بينة ؟
الطالب : أنا يا شيخ
الشيخ : إي نعم ، إذا قال ليس لي بينة
الطالب : إذا قال لا أعلم لي بينة فليس هذا نفي العدم
الشيخ : فهذا نفي للعلم لا للعدم ، ولكن بعض العلماء رحمهم الله قال إنه إذا صدرت الكلمة ليس لي بينة من عامي ثم أقام البينة بعد فإنه يحكم بالبينة لماذا ؟ لأن العامي لا يفرق بين قوله لا أعلم وبين قوله ليس لي بينة، فقد يقول ليس لي بينة لأنه لا يعلم بذلك، وهذا القول هو الصحيح أنه إذا قال ليس لي بينة وعلمنا من قرائن الحال أن مراده بذلك أنه لا يعلم لنفسه بينة ثم أقامها بعد فإنها تقبل.
وفي هذا الحديث قيد في قوله : ( مال امرئ مسلم ) فهل يخرج به مال المعاهد ؟ أو نقول إن هذا بناء على الأغلب ؟ الثاني فيما يظهر، وذلك لأن مال المعاهد محترم كمال المسلم وإن كان مال المسلم أقوى حرمة لكن المعاهد قد عوهد من قبل البشر بأنه مؤمّن على ماله ونفسه.
وفيه أي في الحديث صفة من صفات الله عز وجل ينكرها أهل البدع أهل التعطيل وهو الغضب، الغضب من صفات الله سبحانه وتعالى وهو دليل على القوة والسلطة لأن الغاضب يغضب لقدرته على الانتقام، بخلاف الحزن فإن الله لا يوصف بالحزن لأن الحزن صفة نقص فلا يوصف الله به، أما الغضب فهو صفة قوة، ولهذا لو ضربك شخص أكبر منك لحزنت، لكن لو كان مثلك أو دونك لغضبت وبطشت به، احمرت عيناك عليه، وربوت عليه حتى كأنك فوقه مثل الجبل، ثم بطشت به أليس كذلك ؟ طيب. إذن الغضب صفة كمال في محله، ولذلك يوصف الله به إذا انتهكت حرماته سبحانه وتعالى.