فائدة : الحقيقة التي يدل عليها اللفظ ثلاثة أقسام عرفية و شرعية و لغوية حفظ
الشيخ : والحقيقة ثلاثة أقسام: عرفية، وشرعية، ولغوية، يعني أن اللفظ قد يكون له حقيقة في الشرع، وحقيقة في العرف، وحقيقة في اللغة، وقد تتفق الحقائق الثلاثة في كلمة واحدة، وقد تنفرد إحداها في معنى عن صاحبتيها، وقد تتفق اثنتان. فالمهم أن الترتيب أولا إيش ؟ النية قبل كل شيء، لكن بشرط أن يحتملها اللفظ، ثم بعد ذلك سبب اليمين، ثم بعد ذلك حقيقة اللفظ ما يدل عليه اللفظ، هذا ما يرجع إليه في الأيمان.
فنرجع إلى النية إذا احتملها اللفظ، أما إذا لم يحتملها فإنه لا يرجع إليها لأنها لغو، مثال ذلك: رجل قال والله ما أنام الليلة إلا على فراش، ونوى الأرض فخرج إلى الصحراء فنام فقيل له في ذلك، ماذا قيل له؟
الطالب : لقد حلفت أن ..
الشيخ : قال والله ما أنام الليلة إلا على فراش فقيل فخرج إلى الصحراء فنام على الأرض فقيل له في ذلك ،كيف تنام على الأرض وأنت قلت ما أنام إلا على فراش
الطالب : النية أولاً
الشيخ : النية ماذا نوى؟
الطالب : نوى أن ينام على الأرض
الشيخ : والأرض فراش
الطالب : في نيته أن ينام على فراش
الشيخ : لكن هذا اللفظ هل يحتمل هذه النية
الطالب : لا يحتمل
الشيخ : اشترطنا في الرجوع إلى النية أن يحتملها اللفظ
الطالب : يحتملها اللفظ، لأن الله سمى الأرض فراشا كما قال تعالى .
الشيخ : (( الله الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً ))، إذن اللفظ يحتمل النية، أو لا ؟ كذا ؟ طيب. رجل آخر قال : والله لا أبيع الخبز اليوم، ثم أخذ طبقاً من خبز فباعه، فقيل له في ذلـك، فقال أردت بالخبز اللحم.
الطالب : يحنث لأنه لا يحتمله اللفظ
الشيخ : نعم لأن الخبز ما يمكن أن يكون معناه اللحم. واضح ؟ طيب. إذن نرجع أولا إلى إيش؟ إلى النية بشرط أن يحتملها اللفظ. طيب لو نوى خلاف ظاهر اللفظ نرجع إلى نيته؟ لو نوى خلاف الظاهر؟ طيب آدم قال إنه إذا خرج إلى الصحراء ونام على الأرض لم ينم على فراش لأن ظاهر اللفظ عند جميع الناس أن من قال والله لا أنام إلا على فراش وش ظاهره؟ أنه لا ينام إلا على فراش مفروش، بساط أو شبهه، فهذه النية خالفت ظاهر اللفظ، ومع ذلك أنتم قلتم إنه يرجع إلى النية لأن اللفظ يحتمله، إذن ترجعون عن جوابكم الأول أو لا؟ ارجعوا هو أزكى لكم.
إذا كان يحتملها اللفظ ولو كان خلاف ظاهر اللفظ فإننا نرجع إلى نيته، وإلا لو قال والله لا أنام إلا على فراش فكل الأمة تعرف أن ظاهر اللفظ أن المراد به إيش؟ الفراش الذي يفرش على الأرض لا ظهر الأرض. عرفتم يا جماعة.
طيب، إذن يرجع إلى نية الحالف ولو خالفت ظاهر اللفظ.
طيب، قال والله لا أكلم الناس اليوم، خرج من بيته من لقي قال له السلام عليكم ، يحنث؟ قال أنا أردت بالناس الفسقة، وأنا ما سلمت إلا على عدول ماذا نقول؟ يقبل أو ما يقبل؟ يقبل يا إخوان، لأن الناس صيغتها العموم، واللغة العربية تبيح أن يريد الإنسان بالعموم الخصوص، أليس كذلك؟ قال الله تعالى : (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم )) وهم لم يقل لهم جميع الناس، ولم يجمع لهم جميع الناس، فهمتم الآن؟
إذن هذا الرجل الذي خرج وهو حالف أن لا يكلم الناس وصار من وجد سلم عليه؟ يحنث أو لا؟ لا يحنث بناء على نيته، فقد خالفت الظاهر.
طيب، رجل قال: والله لا أكلم الناس فخرج إلى السوق وصار يسلم على الفسقة والعدول والصغار والكبار، ولم يمر بأحد إلا سلم عليه، يحنث ؟ قال أردت أن أكلم الناس بغير السلام ؟ لا يحنث لأن اللفظ يحتمله.إذن فالنية حاكمة على اللفظ لكن بشرط أن يحتملها اللفظ.
طيب، إذا لم نجد نية، يعني إذا لم تكن له نية يرجع إلى سبب اليمين، ما السبب أنك حلفت؟
مثاله : قيل له إن فلاناً رجل يسبك ويغتابك عند الناس ويفشي عنك أشياء، قال : والله لا أكلمه، ثم تبين بعد أن الذي أخبره بذلك ظن أن الذي كان يغتابه ويسبه هو فلان، وليس إياه، ثم كلمه، أنتم فاهمين السؤال أو أعيده ؟ يحنث أو لا ؟
أعيد المثال بالاسم: جاءه رجل فقال إن زيدا يسبك ويغتابك ويفشي عنك أسرار، فقال والله لا أكلم زيداً ما عشت، ثم إن الرجل الذي قال إن زيداً يغتابك ويسبك ويفشي أسرارك قال أنا كنت أحسبه زيداً فإذا هو عمرو، فكلم الرجل كلم زيداً بعد أن حلف على أن لا يكلمه، يحنث أو لا ؟ ليش ؟
لا يحنث، لأن سبب اليمين تبين أنه ليس موجودا، يعني تبين عدم سبب اليمين فحينئذٍ لا يحنث.
إذا لم يكن عنده لا هذا ولا هذا، فإننا نرجع إلى مدلول اللفظ. مدلول اللفظ عرفي وشرعي ولغوي، يرجع إلى العرفي لأنه أقرب إلى مراد المتكلم ولكن إذا كان للعرفي معنى صحيح شرعاً ومعنى فاسد فإنه يحمل على المعنى الصحيح شرعا.
طيب، الشاة مثلاً قال والله لأشترين اليوم شاةً ثم خرج إلى السوق واشترى معزاً يحنث؟ يحنث لأن العرف عندنا أن الشاة هي الأنثى من الضأن لكن في اللغة الشاة تطلق على المعز وعلى الضأن، ونحن نقول إذا اختلف العرف واللغة قدم العرف لأنه أقرب إلى مقصود المتكلم لا سيما العامة، العامة لا يعرفون مدلول الألفاظ إلا ما كان في عرفهم.
طيب، إذا قال والله لا أبيع اليوم شيئاً ثم خرج وباع دخاناً، يحنث؟
الطالب : يحنث لأن في عرفه أن هذا بيع وهذا شيء
الشيخ : قلنا إذا كان للفظ مدلول عرفي ولكنه في الشرع له معنيان صحيح وفاسد يحمل على الصحيح، ففي هذا المثال لا يحنث لأن هذا البيع شرعاً غير صحيح فاسد، فإذا كان له في الشرع معنى صحيح وفاسد يحمل على الشرعي الصحيح.
طيب، إذن متى نرجع إلى الحقيقة اللغوية؟ إذا لم يكن عرف ولا شرع، إذا لم يكن هناك حقيقة شرعية للفظ ولا حقيقة عرفية حينئذٍ نرجع إلى اللغة.
فإذا قال قائل: والله لا أصلي اليوم، ثم قام فصلى، يحنث؟
الطالب : لا يحنث
الشيخ : ليش ما يحنث يا جماعة؟ هذا حقيقة شرعية وعرفية، العامة كلهم ما يعرفون الصلاة إلا الصلاة، والشرع لا يعرف الصلاة إلا الصلاة، حينئذٍ لو قال أردت اللغة أن لا أدعو يعني مراده الدعاء المجرد ما هو الدعاء الذي الصلاة؟ قلنا لا حنث عليك لأن لفظك يحتمله يحتمل المعنى الذي أردت فلا حنث عليك. المهم أن هذه قاعدة مفيدة في الأيمان.