قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ حفظ
" قراءة من فتح الباري لابن حجر "
القارئ : قوله: " باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم "
أي: هل يجب عليه الوفاء أو لا؟ والمراد بالجاهلية جاهلية المذكور وهو حاله قبل إسلامه، وأصل الجاهلية ما قبل البعثة.
وقد ترجم الطحاوي لهذه المسألة: من نذر وهو مشرك ثم أسلم فأوضح المراد، وذكر فيه حديث ابن عمر في نذر عمر في الجاهلية أنه يعتكف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أوف بنذرك ) قال ابن بطال: قاس البخاري اليمين على النذر وترك الكلام على الاعتكاف، فمن نذر أو حلف قبل أن يسلم على شيء يجب الوفاء به لو كان مسلما فإنه إذا أسلم يجب عليه على ظاهر قصة عمر. قال: وبه يقول الشافعي وأبو ثور كذا قال، وكذا نقله ابن حزم عن الإمام الشافعي، والمشهور عند الشافعية أنه وجه لبعضهم، وأن الشافعي وجل أصحابه على أنه لا يجب بل يستحب، وكذا قال المالكية والحنفية، وعن أحمد في رواية يجب، وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكية والبخاري وداود وأتباعه.
قلت: إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل وإلا فمجرد ترجمته لا يدل على أنه يقول بوجوبه، لأنه محتمل لأن يقول بالندب، فيكون تقدير جواب الاستفهام يندب له ذلك.
قال القابسي: لم يأمر عمر على جهة الإيجاب بل على جهة المشورة كذا قال، وقيل: أراد أن يعلمهم أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء، واحتج الطحاوي بأن الذي يجب الوفاء به ما يتقرب به إلى الله، والكافر لا يصح منه التقرب بالعبادة، وأجاب عن قصة عمر باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه سمح بأن يفعل ما كان نذره فأمره به لأن فعله حينئذٍ طاعة لله تعالى فكان ذلك خلاف ما أوجبه على نفسه لأن الإسلام يهدم أمر الجاهلية.
قال ابن دقيق العيد: ظاهر الحديث يخالف هذا، فإن دلّ دليل أقوى منه على أنه لا يصح من الكافر قوي هذا التأويل وإلا فلا.
الشيخ : على أن قوله : ( أوف بنذرك ) يحتمل أن يكون للإباحة، لأن عمر سأل هل يوفي أو لا يوفي ؟ فقال : ( أوف )، وجواب الاستفهام يكون للإباحة يعني جواب الاستفهام عن الفعل يكون للإباحة، لكن نظراً إلى أنه سماه نذراً فقال : ( أوف بنذرك ) قد يمنع هذا الاحتمال أي أن يكون الأمر للإباحة، وأن يكون دائراً بين الوجوب أو الاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب.