تتمة شرح الحديث حفظ
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى :حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى الأشعري قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله فقال : ( والله لا أحملكم ما عندي ما أحملكم ) ثم لبثنا ما شاء الله فأتي بإبل فأمر لنا بثلاثة ذود فلما انطلقنا قال بعضنا لبعض لا يبارك الله لنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا فحملنا فقال أبو موسى فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال : ( ما أنا حملتكم بل الله حملكم إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير وكفرت )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
سبق لنا الكلام على أول هذا الباب، ومعنى الاستثناء في الأيمان، وقلنا إنه نوعان : النوع الأول أن يستثني من العموم بإلا أو إحدى أخواتها، مثل أن يقول : والله لا أزور فلاناً إلا أن يزورني، والثاني وهو الذي أراده البخاري بدليل سياق الحديث أن يقول إن شاء الله، أن يقرن يمينه بقوله إن شاء الله، فهذا استثناء، مثل أن يقول: والله لأسافرن غداً إن شاء الله، هذا استثناء، وفائدة الاستثناء بإن شاء الله أمران، الأمر الأول : تسهيل أمره وتحقيق يمينه، والثاني : أنه لو حنث فلا كفارة عليه.
ودليل الأول ما جرى لسليمان عليه الصلاة والسلام أنه قال : " والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله "، فقيل له : قل إن شاء الله، فلم يقل ، فطاف عليهن فولدت واحدة منهن شق إنسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قال إن شاء الله لكان دركاً لحاجته ).
ودليل الثاني وهو أنه يستفيد بهذا الاستثناء أنه لو حنث فلا كفارة عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه ) فهاتان فائدتان.
ثم لا بد أن ينطق بالاستثناء بلسانه، فلو نوى بقلبه فإنه لا ينفعه، لا بد أن ينطق بلسانه، ولا يشترط أن يسمع صاحبه، فلو قال: والله لا أكلمك ثم قال بلسانه إن شاء الله فإنه لا حنث عليه.
ولكن اختلف العلماء فيما إذا قال إن شاء الله تبركاً، لا على سبيل التعليق فحنث فهل تلزمه الكفارة أو لا؟
فقال بعض العلماء : لا كفارة عليه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فقال إن شاء الله فلا حنث عليه )، وقال آخرون : بل عليه أن يكفر، لأن قوله إن شاء الله للتبرك إنما أتى بها زيادة في التصميم على الفعل وليس لتعليق الأمر بمشيئة الله. ولكن الأخذ بالعموم أولى أنه إن قال إن شاء الله تبركا أو تعليقاً فلا حنث عليه.
ثم اختلف العلماء هل يشترط أن ينوي الاستثناء قبل تمام الكلام أو لا يشترط؟
الصحيح أنه لا يشترط، فلو قال الإنسان : والله لأسافرن غداً هكذا، وليس في نيته أن يقول إن شاء الله، ثم لما فرغ من قوله لأسافرن غداً قال إن شاء الله فعلى القول باشتراط نيته لا بد أن يكون قد نوى قبل أن يتم الكلام الأول، وعلى القول الثاني وهو الراجح أنه ليس بشرط يصح أن يقول إن شاء الله ولو لم ينوها إلا بعد.
ودليل هذا قصة سليمان التي ذكرناها قبل قليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو قال إن شاء الله لكان دركاً لحاجته ولم يحنث )، مع أنه لم يكن نوى، وإنما قيل له قل إن شاء الله، ومع هذا لم يقل اعتماداً على عزيمته عليه الصلاة والسلام فحصل ما حصل. المهم أن الصحيح أنه لا يشترط أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.
وهل يشترط الاتصال ؟ نقول: نعم ، يشترط الاتصال عرفاً بأن يكون مثلا الكلام متصلاً بعضه ببعض ولو جاء الاستثناء في آخر الكلام، بدليل ما ثبت في الصحيح بل في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الفتح وبين حرمة مكة وأنه لا يعضد شوكها، فلما انتهى من الخطبة قال العباس : " إلا الإذخر "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا الإذخر )، مع أنه فصل بين المستثنى والمستثنى منه لكن الكلام متصل واحد.
وكذلك لو انفصل المستثنى عن المستثنى منه بعذر كرجل قال : والله لأصومن غداً ثم أصابه سعال يعني كحة أو عطاس أو كان مرهقاً فنام ثم لما زال العذر قال : إن شاء الله، فإنه ينفعه هذا الاستثناء لأنه فصل بعذر.
فصار الاستثناء على القول الراجح لا يشترط فيه النية قبل تمام المستثنى منه، وإنما يشترط فيه الاتصال ، ولكن إذا انفصل بعذر أو انفصل بالكلام المتتابع بعضه مع بعض فإن ذلك لا يضر.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
سبق لنا الكلام على أول هذا الباب، ومعنى الاستثناء في الأيمان، وقلنا إنه نوعان : النوع الأول أن يستثني من العموم بإلا أو إحدى أخواتها، مثل أن يقول : والله لا أزور فلاناً إلا أن يزورني، والثاني وهو الذي أراده البخاري بدليل سياق الحديث أن يقول إن شاء الله، أن يقرن يمينه بقوله إن شاء الله، فهذا استثناء، مثل أن يقول: والله لأسافرن غداً إن شاء الله، هذا استثناء، وفائدة الاستثناء بإن شاء الله أمران، الأمر الأول : تسهيل أمره وتحقيق يمينه، والثاني : أنه لو حنث فلا كفارة عليه.
ودليل الأول ما جرى لسليمان عليه الصلاة والسلام أنه قال : " والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله "، فقيل له : قل إن شاء الله، فلم يقل ، فطاف عليهن فولدت واحدة منهن شق إنسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قال إن شاء الله لكان دركاً لحاجته ).
ودليل الثاني وهو أنه يستفيد بهذا الاستثناء أنه لو حنث فلا كفارة عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه ) فهاتان فائدتان.
ثم لا بد أن ينطق بالاستثناء بلسانه، فلو نوى بقلبه فإنه لا ينفعه، لا بد أن ينطق بلسانه، ولا يشترط أن يسمع صاحبه، فلو قال: والله لا أكلمك ثم قال بلسانه إن شاء الله فإنه لا حنث عليه.
ولكن اختلف العلماء فيما إذا قال إن شاء الله تبركاً، لا على سبيل التعليق فحنث فهل تلزمه الكفارة أو لا؟
فقال بعض العلماء : لا كفارة عليه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فقال إن شاء الله فلا حنث عليه )، وقال آخرون : بل عليه أن يكفر، لأن قوله إن شاء الله للتبرك إنما أتى بها زيادة في التصميم على الفعل وليس لتعليق الأمر بمشيئة الله. ولكن الأخذ بالعموم أولى أنه إن قال إن شاء الله تبركا أو تعليقاً فلا حنث عليه.
ثم اختلف العلماء هل يشترط أن ينوي الاستثناء قبل تمام الكلام أو لا يشترط؟
الصحيح أنه لا يشترط، فلو قال الإنسان : والله لأسافرن غداً هكذا، وليس في نيته أن يقول إن شاء الله، ثم لما فرغ من قوله لأسافرن غداً قال إن شاء الله فعلى القول باشتراط نيته لا بد أن يكون قد نوى قبل أن يتم الكلام الأول، وعلى القول الثاني وهو الراجح أنه ليس بشرط يصح أن يقول إن شاء الله ولو لم ينوها إلا بعد.
ودليل هذا قصة سليمان التي ذكرناها قبل قليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو قال إن شاء الله لكان دركاً لحاجته ولم يحنث )، مع أنه لم يكن نوى، وإنما قيل له قل إن شاء الله، ومع هذا لم يقل اعتماداً على عزيمته عليه الصلاة والسلام فحصل ما حصل. المهم أن الصحيح أنه لا يشترط أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.
وهل يشترط الاتصال ؟ نقول: نعم ، يشترط الاتصال عرفاً بأن يكون مثلا الكلام متصلاً بعضه ببعض ولو جاء الاستثناء في آخر الكلام، بدليل ما ثبت في الصحيح بل في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الفتح وبين حرمة مكة وأنه لا يعضد شوكها، فلما انتهى من الخطبة قال العباس : " إلا الإذخر "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا الإذخر )، مع أنه فصل بين المستثنى والمستثنى منه لكن الكلام متصل واحد.
وكذلك لو انفصل المستثنى عن المستثنى منه بعذر كرجل قال : والله لأصومن غداً ثم أصابه سعال يعني كحة أو عطاس أو كان مرهقاً فنام ثم لما زال العذر قال : إن شاء الله، فإنه ينفعه هذا الاستثناء لأنه فصل بعذر.
فصار الاستثناء على القول الراجح لا يشترط فيه النية قبل تمام المستثنى منه، وإنما يشترط فيه الاتصال ، ولكن إذا انفصل بعذر أو انفصل بالكلام المتتابع بعضه مع بعض فإن ذلك لا يضر.