قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ حفظ
" قراءة من فتح الباري لابن حجر "
القارئ : قال ابن حجر رحمه الله تعالى : قوله : لا تسأل الإمارة، سيأتي شرحه في الأحكام إن شاء الله تعالى.
الشيخ : بس خلاص.
القارئ : القسطلاني أحال على أول الأيمان والنذور.
الشيخ : وابن حجر في كتاب الأحكام.
" قراءة من فتح الباري لابن حجر "
القارئ : قوله: "باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها" ذكر فيه حديث عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، ثم قال بعده باب من سأل الإمارة وكل إليها، وذكر الحديث المذكور وقد تقدم الكلام على سنده في كتاب كفارة الأيمان وعلى قوله : ( وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر ).
وأما قوله: ( لا تسأل الإمارة ) فهو الذي في أكثر طرق الحديث، ووقع في رواية يونس بن عبيد عن الحسن بلفظ: لا يتمنين بصيغة النهي عن التمني مؤكدا بالنون الثقيلة، والنهي عن التمني أبلغ من النهي عن الطلب.
قوله: (عن مسألة) أي سؤال قوله وكلت إليها بضم الواو وكسر الكاف مخففاً ومشدداً وسكون اللام ومعنى المخفف أي صرف إليها ومن وكل إلى نفسه هلك، ومنه في الدعاء: ولا تكلني إلى نفسي، ووكل أمره إلى فلان صرفه إليه، ووكله بالتشديد استحفظه.
ومعنى الحديث: أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك وأن من حرص على ذلك لا يعان.
ويعارضه في الظاهر ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة رفعه : ( من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره عدله فله النار ).
والجمع بينهما أنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل إذا ولي أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية، وقد تقدم من حديث أبي موسى : ( إنا لا نولي من حرص ) ولذلك عبر في مقابله بالإعانة فإن من لم يكن له من الله عون على عمله لا يكون فيه كفاية لذلك العمل فلا ينبغي أن يجاب سؤاله.
ومن المعلوم أن كل ولاية لا تخلو من المشقة فمن لم يكن له من الله إعانة تورط فيما دخل فيه وخسر دنياه وعقباه، فمن كان ذا عقل لم يتعرض للطلب أصلا، بل إذا كان كافياً وأعطيها من غير مسألة فقد وعده الصادق بالإعانة، ولا يخفى ما في ذلك من الفضل.
قال المهلب: جاء تفسير الإعانة عليها في حديث بلال بن مرداس عن خيثمة عن أنس رفعه ( من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدده ) أخرجه ابن المنذر. قلت: وكذا أخرجه الترمذي من طريق أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي، وأخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق أبي عوانة ومن طريق إسرائيل عن عبد الأعلى فأسقط خيثمة من السند، قال الترمذي: ورواية أبي عوانة أصح، وقال في رواية أبي عوانة حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم من طريق إسرائيل وصححه، وتعقب بأن ابن معين لين خيثمة وضعف عبد الأعلى، وكذا قال الجمهور في عبد الأعلى ليس بقوي.
قال المهلب: وفي معنى الإكراه عليه أن يدعى إليه فلا يرى نفسه أهلاً لذلك هيبة له وخوفاً من الوقوع في المحذور فإنه يعان عليه إذا دخل فيه ويسدد، والأصل فيه أن من تواضع لله رفعه الله.
وقال ابن التين: هو محمول على الغالب وإلا فقد قال يوسف: (( اجعلني على خزائن الأرض ))، وقال سليمان: (( وهب لي ملكاً ))، قال: ويحتمل أن يكون في غير الأنبياء.
الشيخ : الظاهر والعلم عند الله أن يقال من طلبها من أجل السلطة والولاية على الخلق فهذا لا يعان عليها، وينهى عنها، وإن طلبها من أجل الإصلاح وإزالة المفسد فإن هذا لا بأس به ، بل قد يتعين عليه إذا كان أهلاً لأن هذا هو مقتضى النصوص، والمسألة على خطر، حتى في المسألة الثانية على خطر فإن الإنسان قد يدخل على أنه يريد الإصلاح ثم يتخلف.