أقسام الورثة حفظ
الشيخ : والورثة ثلاثة أقسام ، وإن شئت فقل قسمان :
أصحاب فروض ، وعصبة ، وذوو أرحام .
هذا على تقسيم الثلاثة .
وإن شئت فقل اثنان لأن ذوي الأرحام ينزلون منزلة من أدلوا به ، فإن أدلوا بذي فرض ورثوا ميراث فرض ، وإن أدلوا بعاصب ورثوا ميراث العاصب ، ولهذا لو قال قائل : إن الورثة ذو فرض وعصبة ، وجعل ميراث أولي الأرحام مبنيا على هذا لصح .
لكن العلماء قالوا إنهم ثلاثة : ذوو فرض وعصبة ورحم ، لأن ذوو الأرحام لم يجمع العلماء على ميراثهم بخلاف أصحاب الفروض والعصبة فقد أجمعوا على ميراثهم ، فمن ثم احتاجوا إلى تقسيم الورثة إلى ذي فرض وعصبة ورحم .
ثم ساق المؤلف رحمه الله آيتي المواريث ، وبقي عليه آية واحدة التي في آخر سورة النساء .
آية المواريث قال الله تعالى فيها : (( يوصيكم الله في أولادكم )) ، والوصية هي العهد إلى الشخص بالموصى به على سبيل الاهتمام .
وفي قوله : (( يوصيكم الله في أولادكم )) دليل على أن الله أرحم بنا من آبائنا ، لأنه هو الذي أوصانا على أولادنا ، إذن فهو أرحم بأولادنا منا.
والأولاد يشمل الذكر والأنثى ، ولهذا قال : (( للذكر مثل حظ الأنثيين )) وهذا الحكم لكل من يرث من الفروع ، كل من يرث من الفروع إذا اجتمع الذكور والإناث في منزلة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين ، فابن وبنت له ثلثان ولها ثلث ، وابن ابن وبنت ابن له ثلثان ولها ثلث ، وابن ابن ابن وبنت ابن ابن كذلك ، المهم أن هذا الحكم يشمل جميع من يرث من الفروع إذا اجتمع ذكور وإناث في منزلة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين .
ثم قال : (( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت وحدة فلها النصف ))، (( إن كن )) أي: الوارثات نساء، (( فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ))، وقوله : (( فإن كن نساء فوق اثنتين )) يشمل الثلاث والأربع والخمس والعشر والمائة، إذا زدن على الثنتين فلهن ثلثا ما ترك، ولا يزيد الفرض بزيادتهن، فالثلاث والثلاثمائة سواء.
وقوله : (( فوق اثنتين )) يفهم منه أنه إذا كن نساء اثنتين فليس لهن الثلثان، لأن الله قال : (( فوق اثنتين ))، إذن ما الذي لهن ؟ .
إذا قلنا النصف منعه قوله : (( وإن كانت واحدة فلها النصف ))، فإنه قيد فرض النصف بالواحدة، وعلى هذا فتكون الثنتان خارجتين من الأول ومن الثاني، ولهذا قال بعض العلماء إن قوله : (( فوق )) زائد، وأن تقدير الآية : فإن كن نساء اثنتين فما فوق، ولكن هذا القول ضعيف، لأنه لم يعهد في اللغة العربية زيادة الاسم، وإنما الزيادة تكون في الحروف، ووجه ذلك أن الحرف معناه في غيره، والاسم معناه في نفسه، وما كان معناه في نفسه لا يمكن أن يكون زائدا، بخلاف ما كان معناه في غيره فإنه يكون زائدا من أجل القرينة.
وقال بعض العلماء بل إن : (( فوق )) معتبرة أصلية غير زائدة، وأما الثنتان فليس لهن النصف لخروجهما بقوله : (( وإن كانت واحدة فلها النصف ))، وإذا كنا لا نعلم للنساء من الفروع إلا النصف أو الثلثين، لم يذكر الله فرضا للفروع من الإناث إلا النصف أو الثلثين، ليس هناك شيء وسط بين الثلثين والنصف .
وإذا كان كذلك فإن قوله : (( وإن كانت واحدة فلها النصف )) يخرج به الثنتان فما زاد، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى ابنتي سعد بن الربيع الثلثين، أعطاهما الثلثين .
ويدل لهذا أيضا قوله تعالى في الأخوات في آخر السورة : (( إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك )) قالوا وإذا كانت الأختان لهما الثلثان فالبنتان أولى ، لأن صلة البنتين بأبيهما أقوى من صلة الأختين بأخيهما، ولهذا أجمع العلماء بأن البنتين لهما الثلثان، فيكون فائدة كلمة : (( فوق )) الإشارة إلى أن فرضهن لا يزداد بزيادتهن، وأنه مهما بلغن من الفوقية فليس لهن إلا الثلثان.
(( وإن كانت واحدة فلها النصف )).
إذن ميراث الفروع تم كاملا في هذه الجملة القصيرة، إذا اجتمع الفروع الأولاد ذكور وإناث في منزلة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن انفرد النساء فللواحدة النصف، وللثنتين فأكثر الثلثان، هذا ميراث الفروع .
الأصول، قال : (( ولأبويه )) يعني أباه وأمه، وإنما أطلق عليهما الأبوين تغليبا وتنويها بفضل الذكورية على الأنوثة، فغلب جانب الأبوة لأنه ذكر وهو أفضل من الأنثى، قال : (( ولأبويه )) .
نعم ، (( لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )) أيضا سهل ميراث الأبوين كل واحد له السدس مما ترك الابن أو البنت إن كان له ولد، فإذا هلك هالك عن : أم وابن فللأم السدس، عن : أب وابن فللأب السدس، عن : أب وأم وابن فللأب السدس وللأم السدس فقط، لأن الله قال : (( إن كان له ولد ))، طيب.
كلمة يشمل الذكر والأنثى، فإذا وجد للميت ابن أو بنت وأبوان فليس للواحد منهما إلا السدس، لكن إن بقي شيء بعد فرض البنت كان للأب تعصيبا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ).
وقلنا إذا كن نساء اثنتين فهل لهما الثلثان أو النصف ؟ وقلنا لهما الثلثان، واستدللنا على ذلك بنص وقياس، النص أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى ابنتي سعد بن الربيع أعطاهما الثلثين.
والقياس أن الله جعل للأختين الثلثين فالبنات من باب أولى.