قراءة من الشرح حفظ
القارئ : " فقلت لكما إن شئتما دفعتها إليكما بذلك . أي بأن تعملا فيها كما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فتلتمسان . بحذف أداة الاستفهام أي أفتطلبان ، مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي . ولأبي ذر عن الكشميهني : فوالذي، بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما . عنها ، فادفعاها إلي . بتشديد الياء ، فأنا كفيكماها . بفتح الهمزة.
فإن قلت : إذا كان علي وعباس أخذاها على الشرط المذكور فيكف يطلبان بعد ذلك من عمر ؟ أجيب : بأنهما اعتقدا أن عموم قوله : ( لا نورث ) مخصوص ببعض ما يخلفه ، وأما مخاصمتها فلم تكن في الميراث بل طلبا أن تقسم بينهما ليستقل كل منهما بالتصرف فيما يصير إليه، فمنعهما عمر، لأن القسمة إنما تقع في الأملاك، وربما تطاول الزمان فيظن أنه ملكهما قاله الكرماني، وسبق مزيد لذلك في فرض الخمس "
.
الشيخ : ما وضح .
من هذا ؟. العيني ؟. نعم .
القارئ : قال رحمه الله : " قال ( لا نورث ) فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر ؟ وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر ؟
والذي يظهر والله أعلم حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة وأن كلا من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله : ( لا نورث ) مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك ، وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيا عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه : لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة، وفي صرفها كيف تصرف كذا قال ، لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ولفظه في آخره : ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من ابن أخي ويقول هذا أريد نصيبي من امرأتي، والله لا أقضي بينكما إلا بذلك . أي إلا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية، وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه.
وفي السنن لأبي داود وغيره أرادا أن عمر يقسمها لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه ، فامتنع عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليها اسم قسم ، ولذلك أقسم على ذلك، وعلى هذا اقتصر أكثر الشراح واستحسنوه.
وفيه من النظر ما تقدم، وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بأن عليا وعباسا لم يطلبا من عمر إلا ذلك مع أن السياق صريح في أنهما جاءاه مرتين في طلب شيء واحد، لكن العذر لابن الجوزي والنووي أنهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري والله أعلم.
وأما قول عمر: جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك . فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم أن لو كان هناك ميراث لا أنه أراد الغض منهما بهذا الكلام، وزاد الإمامي عن ابن شهاب عند عمر بن شبة في آخره فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما ، فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة.
وزاد شعيب في آخره قال ابن شهاب فحدثت به عروة فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة تقول فذكر حديثا قال : وكانت هذه الصدقة بيد علي منعها عباسا فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مثله وزاد في آخره قال معمر : ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولي هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها، وزاد إسماعيل القاضي أن إعراض العباس عنها كان في خلافة عثمان.
قال عمر بن شبة : سمعت أبا غسان هو محمد بن يحيى المدني يقول : إن الصدقة المذكورة اليوم بيد الخليفة يكتب في عهده يولي عليها من قبله من قبضها ويفرقها في أهل الحاجة من أهل المدينة.
قلت : كان ذلك على رأس المائتين ثم تغيرت الأمور والله المستعان "
.
الشيخ : الله المستعان ، صار الظاهر من عمر رضي الله عنه أنه سلمها للعباس وعلي .
القارئ : بعد الخصومة يا شيخ ، بعد هذا الكلام .
الشيخ : في الأول ثم تنازعا فيها ، ثم قال لهما هذا الكلام : إذا كنتم تتنازعون آخذها منكم.