باب : لا يرجم المجنون والمجنونة. وقال علي لعمر: أما علمت : أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ حفظ
القارئ : " باب لا يرجم المجنون والمجنونة ".
وقال علي لعمر رضي الله عنه : ( أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ ).
الشيخ : إذن المجنون لا يرجم ، بل ولا يقام عليه الحد ، لأنه مرفوع عنه القلم، بقينا في السكران هل يقام عليه حد الرجم أو غيره، وهل يقام عليه القصاص ؟ القصاص حق للآدمي أو لله ؟ .
للآدمي ، لقوله تعالى : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) فجعل العفو للآدمي.
فهذا السكران قتل عمدا هل يقتص منه ؟ هذا السكران زنا ، هل يقام عليه الحد ؟ .
في هذا خلاف بين العلماء، منهم من قال : إنه يقام عليه الحد ويقتل قصاصا ، لأن فعل السكران كفعل الصاحي بخلاف أقواله، ففيها خلاف حتى أقوال السكران فيها خلاف أيضا.
ومنهم من قال : ليس عليه شيء ، ليس عليه قصاص وإنما عليه الدية في القتل ، وليس عليه حد لأنه مجنون، ولهذا لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم عمه لما قال له : " هل أنتم إلا عبيد أبي " ولم يؤاخذه بشيء .
ولكن الاستدلال بهذا الحديث بحديث حمزة أن الرسول لم يعاقبه ولم يؤاخذه بشيء أن هذا كان قبل تحريم الخمر ، وكان تناولها مباحا، لكن إذا كان تناولها محرما.
فأجاب الآخرون بأنه لا أثر لكون القول أو الفعل معتبرا بالنسبة للتحليل والتحريم ، المهم أن السكران لا يدري ما يقول كما قال الله تعالى : (( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )).
ولهذا نقول : إن القول الوسط في هذه المسألة أنه إن سكر ليفعل فحكمه حكم الصاحي، وإن سكر لا ليفعل ولكن فعل فحكمه حكم المجنون، فما يضمنه المجنون يضمنه السكران، ومعروف أن المجنون يضمن حقوق الآدميين كما لو أتلف شيئا أو اعتدى على شيء فإنه يضمن، هذا القول قول وسط، وله حظ من النظر، لأن من سكر ليفعل هو في الحقيقة قد قصد الفعل لكنه جعل السكر وسيلة وتغطية ، فيعاقب بنقيض قصده ، بخلاف من سكر ولم يطرأ على باله الفعل ولكن فعل ، فهذا حكمه حكم المجنون ، لا يقام عليه الحد إن فعل ما فيه الحد ، ويضمن ما أتلفه على الآدميين لأن حق الآدمي لا يشترط فيه القصد.