باب : قتل الخوراج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم . وقول الله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) . وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين . حفظ
القارئ : باب : قتل الخوراج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم . وقول الله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) . وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال : " إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين " .
الشيخ : أولا لا بد أن نعلم من هم الخوارج.
الخوارج جمع خارجة، وخارجة بالنسبة للمذكر صيغة مبالغة، التاء فيها للمبالغة، مثل : علامة.
وأصلهم الذين يخرجون على الإسلام أو على أئمة الإسلام، على الإسلام يعني على أحكامه، أو على أئمته.
وأول ما برزت هذه الفئة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قسم الغنائم فقال بعضهم : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، فخرج على الشرع، هذا هو الأصل.
ثم تطورت بهم الحال إلى أن خرجوا الخروج المسلح في زمن عثمان رضي الله عنه حتى قتلوه، ثم في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما زال مذهبهم إلى يومنا هذا.
ومن أبرز مميزات هذا المذهب : جواز الخروج على الأئمة يعني الذين ولاهم الله أمر المسلمين، والثاني أنهم يكفرون بالكبيرة لتشددهم وتعنتهم، يرون أن من فعل كبيرة من الكبائر فهو كافر مخلد في النار، ويستبيحون بذلك دمه وماله وأهله، فهم من شرار خلق الله والعياذ بالله، ولكن نقول : بعد إقامة الحجة عليهم، وذلك لأنه لا يمكن أن نحكم على شخص بالكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه.
وهل المراد بإقامة الحجة إبلاغ الحجة، أو الإبلاغ مع الفهم ؟
الصواب الثاني، الإبلاغ مع الفهم، لأن من بلغته الحجة بغير فهم فإنها لم تقم عليه الحجة في الحقيقة لقوله تعالى : (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )) فلا بد من فهم الحجة، أما أن تأتي إلى رجل أعجمي وتقرأ عليه الحجة باللسان العربي ثم تقول بلغت فهذا لا يصح.
فإذا بلغت الحجة من يفهما ويعرف معناها فقد قامت عليه الحجة، وحينئذ يعامل بما تقتضيه مخالفته، إن خالف في أصل الإسلام فهو كافر، وإن خالف في شيء من فروع الإسلام فعلى ما تقتضيه هذه المخالفة.
ثم استدل المؤلف بقوله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ))، يعني ما كان الله يرتضي بضلال قوم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، هداهم يعني أعلمهم، فهي هداية علم، (( حتى يبين لهم ما يتقون )) يبين يعني يوضح، ما يتقونه من الكفر أو المعاصي.
وكذلك قال الله تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وقال تعالى : (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليها آياتنا )) هذه إقامة الحجة، (( وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون )) هذه مخالفة الحجة، ففي الآية في الجملة الأولى منها إيش ؟ إقامة الحجة، وفي الثانية مخالفة الحجة، فإذا بعثها في أمها رسولا ثم ظلموا ولم يتبعوا هذا الرسول حينئذ استحقوا الهلاك.
وكذلك عموم (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وما أشبهها من العمومات، كلها تدل على أن من جهل الحق فإنه لا يؤاخذ به، ولكن قد يؤاخذ الإنسان إذا كان منه نوع تفريط، مثل أن يقال له هذا كفر مثلا، ولا يبحث، فهذا قد يقال إنه فرط، ويكون حينئذ غير معذور، مثل ما يفعله الآن عباد القبور والذين يذبحون لها وينذرون لها في البلاد الإسلامية، هم يقولون نحن مسلمون ويجهلون أن هذا كفر وشرك، لكن إذا كان بلغهم بأن هذا كفر وشرك، ولكن قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون فهؤلاء قامت عليهم الحجة، أما إذا كان لم يبلغهم وكانوا في ظلام دامس ولم يصل إليهم حق فهؤلاء معذورون، إذا ماتوا يموتون على الإسلام الذي تبنوه.
وأما من كان لا يعرف عن الإسلام شيئا وهو لا ينتسب إلى الإسلام وهو كافر لكن ما بلغهم شيء فأصح الأقوال في هؤلاء أنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أطاعوا فهم من أهل الجنة وإن عصوا فهم من أهل النار، ولا يقال إنه كيف يكون هناك تكليف في الدار الآخرة، لأن التكليف في الدار الآخرة قد وقع بنص القرآن (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود خاشعة أيصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهو سالمون )).
فالأحوال إذن على النحو التالي :
أولا: من لم تبلغه الحجة أصلا، ولم يكن على دين الإسلام، فما الحكم فيه ؟ يمتحن يوم القيامة.
الثاني : من ينتسب إلى الإسلام ويقول إنه مسلم، ولكن يفعل ما يكون شركا دون أن ينبه على ذلك، ودون أن يطرأ على باله أن هذا من الشرك، فهذا معفو عنه، ولا يدخله شركه في النار ولا يخرجه من الإسلام، لأنه لم تقم عليه الحجة.
الثالث: من ينتسب إلى الإسلام ويفعل ما هو شرك وقامت عليه الحجة، ولكنه أصر وقال إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون، فهذا كافر وإن انتسب إلى الإسلام، لأنه بين له أن هذا كفر وأن هذا شرك لكنه أصر وعاند.
الرابع : من لمن يبلغه الحق على وجه يطمئن إليه، سمع بأن هذا كفر ولكنه سمعه من أناس لا يثقون بهم كما يثق بشيوخه الذين يبيحون له هذا الشيء، فهذا نقول إنه تحت الخطر، لماذا ؟ لأن منه نوع تقصير وتفريط ، وكان الواجب عليه لما قيل له إن هذا من الشرك وإن كان الذي قال له هذا الكلام ليس في نفسه ثقة منه كثقته بمشايخه فإنه يجب عليه أن يبحث، فإذا لم يبحث فهو على خطر عظيم، وأنا أتوقف فيه هل يحكم بكفره أو لا ؟ نظرا لما عنده من الشبهة، وهذا بخلاف الذي قبله الذي عاند، ولكن أنا لا أتبع إلا شيوخي أو إلا آبائي أو ما أشبه ذلك.
بقي قسم خامس : الذي قامت عليه الحجة وفهمهما لكن أصر على الكفر الصريح لا تأويلا ولا اعتقادا بأن غيره هو الحق أو ما أشبه ذلك، فهذا حكمه إيش ؟ أنه كافر ما فيه إشكال، كافر مباح الدم والمال.
الشيخ : أولا لا بد أن نعلم من هم الخوارج.
الخوارج جمع خارجة، وخارجة بالنسبة للمذكر صيغة مبالغة، التاء فيها للمبالغة، مثل : علامة.
وأصلهم الذين يخرجون على الإسلام أو على أئمة الإسلام، على الإسلام يعني على أحكامه، أو على أئمته.
وأول ما برزت هذه الفئة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قسم الغنائم فقال بعضهم : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، فخرج على الشرع، هذا هو الأصل.
ثم تطورت بهم الحال إلى أن خرجوا الخروج المسلح في زمن عثمان رضي الله عنه حتى قتلوه، ثم في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما زال مذهبهم إلى يومنا هذا.
ومن أبرز مميزات هذا المذهب : جواز الخروج على الأئمة يعني الذين ولاهم الله أمر المسلمين، والثاني أنهم يكفرون بالكبيرة لتشددهم وتعنتهم، يرون أن من فعل كبيرة من الكبائر فهو كافر مخلد في النار، ويستبيحون بذلك دمه وماله وأهله، فهم من شرار خلق الله والعياذ بالله، ولكن نقول : بعد إقامة الحجة عليهم، وذلك لأنه لا يمكن أن نحكم على شخص بالكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه.
وهل المراد بإقامة الحجة إبلاغ الحجة، أو الإبلاغ مع الفهم ؟
الصواب الثاني، الإبلاغ مع الفهم، لأن من بلغته الحجة بغير فهم فإنها لم تقم عليه الحجة في الحقيقة لقوله تعالى : (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )) فلا بد من فهم الحجة، أما أن تأتي إلى رجل أعجمي وتقرأ عليه الحجة باللسان العربي ثم تقول بلغت فهذا لا يصح.
فإذا بلغت الحجة من يفهما ويعرف معناها فقد قامت عليه الحجة، وحينئذ يعامل بما تقتضيه مخالفته، إن خالف في أصل الإسلام فهو كافر، وإن خالف في شيء من فروع الإسلام فعلى ما تقتضيه هذه المخالفة.
ثم استدل المؤلف بقوله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ))، يعني ما كان الله يرتضي بضلال قوم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، هداهم يعني أعلمهم، فهي هداية علم، (( حتى يبين لهم ما يتقون )) يبين يعني يوضح، ما يتقونه من الكفر أو المعاصي.
وكذلك قال الله تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وقال تعالى : (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليها آياتنا )) هذه إقامة الحجة، (( وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون )) هذه مخالفة الحجة، ففي الآية في الجملة الأولى منها إيش ؟ إقامة الحجة، وفي الثانية مخالفة الحجة، فإذا بعثها في أمها رسولا ثم ظلموا ولم يتبعوا هذا الرسول حينئذ استحقوا الهلاك.
وكذلك عموم (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وما أشبهها من العمومات، كلها تدل على أن من جهل الحق فإنه لا يؤاخذ به، ولكن قد يؤاخذ الإنسان إذا كان منه نوع تفريط، مثل أن يقال له هذا كفر مثلا، ولا يبحث، فهذا قد يقال إنه فرط، ويكون حينئذ غير معذور، مثل ما يفعله الآن عباد القبور والذين يذبحون لها وينذرون لها في البلاد الإسلامية، هم يقولون نحن مسلمون ويجهلون أن هذا كفر وشرك، لكن إذا كان بلغهم بأن هذا كفر وشرك، ولكن قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون فهؤلاء قامت عليهم الحجة، أما إذا كان لم يبلغهم وكانوا في ظلام دامس ولم يصل إليهم حق فهؤلاء معذورون، إذا ماتوا يموتون على الإسلام الذي تبنوه.
وأما من كان لا يعرف عن الإسلام شيئا وهو لا ينتسب إلى الإسلام وهو كافر لكن ما بلغهم شيء فأصح الأقوال في هؤلاء أنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أطاعوا فهم من أهل الجنة وإن عصوا فهم من أهل النار، ولا يقال إنه كيف يكون هناك تكليف في الدار الآخرة، لأن التكليف في الدار الآخرة قد وقع بنص القرآن (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود خاشعة أيصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهو سالمون )).
فالأحوال إذن على النحو التالي :
أولا: من لم تبلغه الحجة أصلا، ولم يكن على دين الإسلام، فما الحكم فيه ؟ يمتحن يوم القيامة.
الثاني : من ينتسب إلى الإسلام ويقول إنه مسلم، ولكن يفعل ما يكون شركا دون أن ينبه على ذلك، ودون أن يطرأ على باله أن هذا من الشرك، فهذا معفو عنه، ولا يدخله شركه في النار ولا يخرجه من الإسلام، لأنه لم تقم عليه الحجة.
الثالث: من ينتسب إلى الإسلام ويفعل ما هو شرك وقامت عليه الحجة، ولكنه أصر وقال إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون، فهذا كافر وإن انتسب إلى الإسلام، لأنه بين له أن هذا كفر وأن هذا شرك لكنه أصر وعاند.
الرابع : من لمن يبلغه الحق على وجه يطمئن إليه، سمع بأن هذا كفر ولكنه سمعه من أناس لا يثقون بهم كما يثق بشيوخه الذين يبيحون له هذا الشيء، فهذا نقول إنه تحت الخطر، لماذا ؟ لأن منه نوع تقصير وتفريط ، وكان الواجب عليه لما قيل له إن هذا من الشرك وإن كان الذي قال له هذا الكلام ليس في نفسه ثقة منه كثقته بمشايخه فإنه يجب عليه أن يبحث، فإذا لم يبحث فهو على خطر عظيم، وأنا أتوقف فيه هل يحكم بكفره أو لا ؟ نظرا لما عنده من الشبهة، وهذا بخلاف الذي قبله الذي عاند، ولكن أنا لا أتبع إلا شيوخي أو إلا آبائي أو ما أشبه ذلك.
بقي قسم خامس : الذي قامت عليه الحجة وفهمهما لكن أصر على الكفر الصريح لا تأويلا ولا اعتقادا بأن غيره هو الحق أو ما أشبه ذلك، فهذا حكمه إيش ؟ أنه كافر ما فيه إشكال، كافر مباح الدم والمال.