تتمة القراءة من الشرح . حفظ
القارئ : " وقال ابن حزم: أسوؤهم حالا الغلاة المذكورون، وأقربهم إلى قول أهل الحق الإباضية، وقد بقيت منهم بقية بالمغرب.
وقد وردت بما ذكرته من أصل حال الخوارج أخبار جياد، منها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر وأخرجه الطبري من طريق يونس كلاهما عن الزهري قال: لما نشر أهل الشام المصاحف بمشورة عمرو بن العاص حين كاد أهل العراق أن يغلبوهم هاب أهل الشام ذلك إلى أن آل الأمر إلى التحكيم، ورجع كل إلى بلده، إلى أن اجتمع الحكمان في العام المقبل بدومة الجندل، وافترقا عن غير شيء، فلما رجعوا خالفت الحرورية عليا وقالوا: لا حكم إلا لله.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي رزين قال: لما وقع الرضا بالتحكيم، ورجع علي إلى الكوفة، اعتزلت الخوارج بحروراء فبعث لهم علي عبد الله بن عباس، فناظرهم فلما رجعوا جاء رجل إلى علي فقال: إنهم يتحدثون أنك أقررت لهم بالكفر لرضاك بالتحكيم، فخطب وأنكر ذلك، فتنادوا من جوانب المسجد لا حكم إلا لله.
ومن وجه آخر: أن رؤوسهم حينئذ الذين اجتمعوا بالنهروان عبد الله بن وهب الراسي وزيد بن حصن الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فاتفقوا على تأمير عبد الله بن وهب، وسيأتي كثير من أسانيد ما أشرت إليه بعد في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى.
وقال الغزالي في الوسيط تبعا لغيره: في حكم الخوارج وجهان، أحدهما أنه كحكم أهل الردة، والثاني أنه كحكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول، وليس الذي قاله مطردا في كل خارجي فإنهم على قسمين أحدهما من تقدم ذكره، والثاني من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضا: قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل حق، ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة، والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا، وهم البغاة، وسيأتي بيان حكمهم في كتاب الفتن وبالله التوفيق.
قوله: وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله إلخ، وصله الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سأل نافعا: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ قال: كان يراهم شرار خلق الله انطلقوا إلى آيات الكفار فجعلوها في المؤمنين.
قلت: وسنده صحيح، وقد ثبت في الحديث الصحيح المرفوع عند مسلم من حديث أبي ذر في وصف الخوارج: ( هم شرار الخلق والخليقة )، وعند أحمد بسند جيد عن أنس مرفوعا مثله، وعند البزار من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوارج، فقال: ( هم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي ) وسنده حسن، وعند الطبراني من هذا الوجه مرفوعا: ( هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة )، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد: ( هم شر البرية )، وفي رواية عبيد الله بن أبي رافع عن علي عند مسلم: ( من أبغض خلق الله إليه )، وفي حديث عبد الله بن خباب يعني عن أبيه عند الطبراني: ( شر قتلى أظلتهم السماء، وأقلتهم الأرض )، وفي حديث أبي أمامة نحوه، وعند أحمد وابن أبي شيبة من حديث أبي برزة مرفوعا في ذكر الخوارج: ( شر الخلق والخليقة ) يقولها ثلاثا، وعند ابن أبي شيبة من طريق عمير بن إسحاق عن أبي هريرة: ( هم شر الخلق )، وهذا مما يؤيد قول من قال بكفرهم، ثم ذكر البخاري في الباب ثلاثة أحاديث "
.