تتمة شرح حديث : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ... ) حفظ
الشيخ : ( الثاني أن يحب المرء لا يحبه إلا لله )، أسباب المحبة الإنسانية كثيرة، منها : الهدية مثلا، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( تهادوا تحابوا )، ومنها: السلام، إفشاء السلام، فإنه من أسباب المحبة، ومنها : أن يحب الإنسان ابنه أو أباه أو قريبه محبة طبيعية، ومنها : أن يحبه لكرمه وأخلاقه الفاضلة، ومنها أن يحبه لعلمه، ومنها أن يحبه لماله، وأسباب المحبة البشرية كثيرة، لكن المفيد منها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، هذا هو المفيد، وهذا هو الثابت، وهذا هو الباقي، وهذا هو الذي يبعدك عن الفحشاء والمنكر، وعن كل ما يكون فيه معصية لله ورسوله ما دمت تحب هذا الرجل لا يحبه إلا لله فإن محبتك ستكون تابعة لاستقامة هذا الرجل، إن استقام أحببته ، وإن انحرف أجيبوا ؟ كرهته ولم تحبه.
فإذا عرفت من نفسك أن محبتك مبنية على هذا الأساس أنك لا تحب المرء إلا الله ولا تكرهه إلا لله فهذه مما يجعلك تذوق حلاوة الإيمان.
إذن الثاني هذه مبنية على الأولى، إذا كنت لا تحب المرء إلا لله فهذا لأنه من تمام محبة الله، فإن من تمام المحبة محبة الحبيب، كما أن من تمام الكراهة محبة أعداء الحبيب، من كراهة الرجل أن تحب أعداءه، كما قال الشاعر:
" أتحب أعداء الحبيب وتدعي *** حبا له ما ذاك في إمكان "
هذا مستحيل، لأن الحبيب حقا هو الذي يحب من تحب ويكره من يكره، فإذا كنت تحب الله حقا فإنك ستحب المرء الذي يقوم بطاعة الله الذي تحبه لله، وتكره المرء الذي يقوم بمعصية الله لأنه يعصي الله عز وجل.
الثالث : أن يكره أن يعود في الكفر وفي رواية : ( بعد أن أنقذه الله منه ) كما يكره أن يقذف في النار.
من هذه الجملة الأخير أخذ البخاري رحمه الله ما ترجم له، أن يكره أن يعود في الكفر، يكون كافرا كما يكره أن يقذف في النار، يعني يقال: تعال سنقذفك في النار أو اكفر ؟ فيقول : أقذف في النار ولا أكفر، فهذا صبر على القتل والإحراق دون أن يكفر.
وهذا وجه إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة.
ولنرجع إلى ...