حدثنا إسماعيل حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ ) حفظ
القارئ : حدثنا إسماعيل، حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ ).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا الباب في باب ما يكون من الحيل الاحتيال في البيوع، وهذا من أكثر الحيل لأن الناس يحتالون فيه على الشيء المحرم بما ظاهره الإباحة.
ومن ذلك احتيال اليهود لما حرم الله عليهم شحوم الميتة صاروا يذوبونه حتى يكون ودكا ثم يبيعونه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( قاتل الله اليهود لما حرمت عليهم الشحوم أذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها ).
ومن ذلك أيضا الحيل على الربا، كما يوجد في كثير من الناس يتحيلون على الربا مثل العينة أن يبيع شيئا بثمن مؤجل ثم يشتريه نقدا بأقل، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " هي دراهم بدارهم دخلت بينهما حريرة " وإذا كانت سيارة نقول : دراهم بدارهم دخلت بينهما سيارة.
والحيل أنواعها كثيرة وهي حرام.
وقول البخاري : " باب ما يكره " هذا على اصطلاح المتقدمين أن الكراهة بمعنى التحريم، فكلما وجدت في القرآن أو السنة أو كلام السلف لفظ كراهة فالمراد به التحريم، ويدل لهذا قوله تعالى : (( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )) إلى أن قال : (( كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ))، ومنه ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ).
وقوله : " لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ " هذا أيضا من الحيل، الكلأ ما نبت من الأمطار في الأرض، والماء ما نبع من الأرض، فلا يمنع الإنسان فضل الماء، لأنه إذا منع فضل الماء منع فضل الكلأ، فإن الناس إذا لم يجدوا ماء في هذه الأرض لم يأتوا إليها، فيكون منع الماء منعا للكلأ، يعني البدو مثلا إذا جاؤوا إلى الأرض من أجل أن ترعى إبلهم أو ضأنهم أو معزهم من هذه الأرض ولم يجدوا فيها ماء تركوها، فإذا منع الإنسان فضل الماء فهذا يقتضي منع فضل الكلأ، ولهذا عليه الصلاة والسلام : ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ ).
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( ليمنع ) يحتمل أن تكون اللام للتعليل، ويحتمل أن تكون اللام للعاقبة، فإن جعلناها للتعليل صار منع فضل الماء ليس حراما إلا إذا قصد إيش ؟ منع فضل الكلأ.
وإن جعلناها للعاقبة صار منع فضل الماء حراما مطلقا، والعاقبة أنه يمنع فضل الكلأ، وهذا الأخير أقرب، هذا هو الأقرب.
واللام تأتي للعاقبة، مثل قوله تعالى : (( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا )) هل اللام هنا للتعليل ؟ لا، لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا، لو علموا أنه عدو وحزن لأهلكوه، لكن التقطوه فصار لهم عدوا وحزنا.