قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : " وحديث ابن عمر : ( إذا بايعت فقل لا خلابة ) بكسر المعجمة وتخفيف اللام ثم موحدة تقدم شرحه مستوفى في كتاب البيوع.
قال المهلب: معنى قوله لا خلابة لا تخلبوني، أي: لا تخدعوني فإن ذلك لا يحل.
قلت: والذي يظهر أنه وارد مورد الشرط، أي: إن ظهر في العقد خداع فهو غير صحيح كأنه قال بشرط أن لا يكون فيه خديعة، أو قال لا تلزمني خديعتك.
قال المهلب: ولا يدخل في الخداع المحرم الثناء على السلعة والإطناب في مدحها، فإنه متجاوز عنه ولا ينتقض به البيع.
وقال ابن القيم في الإعلام: أحدث بعض المتأخرين حيلا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة، ومن عرف سيرة الشافعي وفضله علم أنه لم يكن يأمر بفعل الحيل التي تبنى على الخداع وإن كان يجري العقود على ظاهرها ولا ينظر إلى قصد العاقد إذا خالف لفظه فحاشاه أن يبيح للناس المكر والخديعة فإن الفرق بين إجراء العقد على ظاهره فلا يعتبر القصد في العقد وبين تجويز عقد قد علم بناؤه على المكر مع العلم بأن باطنه بخلاف ظاهره ظاهر، ومن نسب حل الثاني إلى الشافعي فهو خصمه عند الله، فإن الذي جوزّه بمنزلة الحاكم يجري الحكم على ظاهره في عدالة الشهود فيحكم بظاهر عدالتهم وإن كانوا في الباطن شهود زور، وكذا في مسألة العينة إنما جوز أن يبيع السلعة ممن يشتريها جريا منه على أن ظاهر عقود المسلمين سلامتها من المكر والخديعة، ولم يجوّز قط أن المتعاقدين يتواطآن على ألف بألف ومائتين ثم يحضران سلعة تحلل الربا ولا سيما إن لم يقصد البائع بيعها ولا المشتري شراءها، ويتأكد ذلك إذا كانت ليست ملكا للبائع، كأن يكون عنده سلعة لغيره فيوقع العقد ويدعي أنها ملكه ويصدقه المشتري فيوقعان العقد على الأكثر ثم يستعيدها البائع بالأقل، ويترتب الأكثر في ذمة المشتري في الظاهر، ولو علم الذي جوّز ذلك بذلك لبادر إلى إنكاره، لأن لازم المذهب ليس بمذهب فقد يذكر العالم الشيء ولا يستحضر لازمه حتى إذا عرفه أنكره، وأطال في ذلك جدا، وهذا ملخصه.
والتحقيق أنه لا يلزم من الإثم في العقد بطلانه في ظاهر الحكم فالشافعية يجوزون العقود على ظاهرها، ويقولون مع ذلك: إن من عمل الحيل بالمكر والخديعة يأثم في الباطن، وبهذا يحصل الانفصال عن إشكاله، والله أعلم "
.
الشيخ : هذا الحديث استدل به من يرى أنه لا خيار في الغبن إلا إذا شرط، والغبن أن يبيع البائع السلعة على شخص لا يعرف الأسعار، فيبيع عليه ما يساوي عشرة بعشرين، فيرى بعض العلماء أنه ليس له خيار، والصحيح أن له الخيار لأن هذا خداع وخيانة ومكر، ولا يمكن أن يمكن للماكر الخادع حتى ينال مقصوده.
ومن ذلك أيضا الخداع في البيوع : التدليس، أن يظهر البائع السلعة بمظهر الجيد وهي ...، مثل أن يكون عنده بيت قديم متشقق فيأتي ويُليس عليه حتى يظهر وكأنه جديد، فهنا لا شك أنه خداع، فهل له أن يختار المشتري ويرد البيع ؟ أجيبوا ؟ نعم له ذلك، ومن لا يرى هذا يقول لا بد أن يشترط، والصحيح أنه لا يشترط أن يشترط وأنه متى ثبت الخداع ثبت للمخدوع الخيار، ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تصروا الإبل، فمن ابتاعها بعد فهو بالخيار ، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر )، ومعنى التصرية: جمع اللبن في ضرع البهيمة، يعني بدل أن يحلبها في اليوم مرتين، لا يحلبها إلا مرة، لأجل أن يراها البائع وكأنها ذات لبن كثير فيزيد في الثمن، فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمشتري الخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ومعها صاعا من تمر.