باب : ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
قال البخاري رحمه الله تعالى: باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون .
الشيخ : الطاعون صيغة مبالغة من الطعن، وهو الوكز باليد أو بالرمح أو ما أشبه ذلك، وهذا داء فتاك معدي يسير سير الرياح.
واختلف الناس فيه، فقيل إنه نوع معين من الأمراض وأنها أورام خبيثة تخرج في ... الجسم، وتهلك الرجل.
ومنهم من قال هي أوجاع في البطن يصحبه إسهال وارتفاع في الحرارة حتى يهلك الرجل.
ومنهم من قال: إن الطاعون اسم لكل وباء عام معدي، ولعل هذا أقرب، وهو وإن لم يدخل لفظا في الطاعون فهو داخل فيه معنى، إذ لا فرق بين أن يكون ورما أو داء في البطن أو ما أشبه ذلك، وبين أن يكون في غير هذا، المهم أنه مرض يكون عاما يعم البلد، ويكون معديا، هذا هو الطاعون.
وطبيعة النفوس أن تفر من مثل هذا، كما تفر من النار، وكما تفر من السيل، ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك، أن نخرج من البلد فرارا منه، من أجل ... جانب التوكل، وربما يكون المتوكل سالما، والفارّ عاطبا، (( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف )) ألوف مؤلفة (( حذر الموت )) فهل نجوا ؟ (( فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم )) ليعلموا أنه لا فرار من قدر الله عز وجل.
وكم من وباء فتّاك طاعون نزل في البيت وأهلك أهله إلا واحدا منهم، وكان في هذه البلاد فيما سبق تحصل أوبئة عظيمة، يعني يقال لنا: إنه قد قدم لشيخ شيخنا إمام المسجد هنا، يقدم في الصلاة الواحدة سبع جنائز أو ثمان جنائز مع العلم بأنه في ذلك الوقت أهل البلد قليلون جدا، أنا أذكر أن المسجد الجامع كله أكبر من هذا قليلا، وليس في البلد إلا هذا المسجد ويسع الناس كلهم كل أهل البلد، وهو أقل من نصف هذا المسجد، فعلى قلة الناس ... في تلك السنة كان يموت أمم عظيمة إلى أن قال شيخ شيخنا: من مات عنده ميت فليصل عليه في مسجده ويدفنه، لأنه إذا جاءت الجنائز أرعبت الناس وخوفتهم، حتى صحيح ربما يصيبه بطنه ويموت.
فالمهم أن هذه أوبئة عظيمة تكون أحيانا وتسمى هذه السنة عند العامة يسمونها سنة الرحمة، يعني تفاؤلا أن الله رحم الأمة بهذا الطاعون، ومع هذا يدخل البيت أحيانا ويهلكم كلهم إلا واحدا منهم ينجو، سبحان الله، ووقع في عدة بيوت أنه لما ... أهلكهم، لكن أحيانا يهلك كل أهل البيت إلا واحد أو إلا اثنين، وهذا من آيات الله.