حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلاً آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها تقطر ماءً متكئاً على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت من هذا فقيل المسيح ابن مريم ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية فسألت من هذا فقيل المسيح الدجال ) حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( أراني الليلة عند الكعبة، فرأيت رجلا آدم، كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال، له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم، قد رجلها، تقطر ماء، متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين، يطوف بالبيت، فسألت: من هذا؟ فقيل: المسيح ابن مريم، ثم إذا أنا برجل جعد قطط، أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية، فسألت: من هذا؟ فقيل: المسيح الدجال ).
الشيخ : هنا المسيح ومسيح، المسيح الأول عيسى بن مريم وسمي عليه الصلاة والسلام بهذا الاسم أو لقب به لأنه كان لا يسمح ذا عاهة إلا برئ.
وأما الثاني المسيح فسمي بذلك لأنه يسيح في الأرض ويجول فيها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يسير في الأرض كالغيث استدبرته الريح من سرعته.
وفي هذا الحديث وصف لعيسى بن مريم، ووصف للدجال، وصف الدجال بأنه رجل جعد، يعني جعد الشعر شعره متجعد قوي ليس متسيب، قطط أعور العين اليمنى، القطط يعني المتجمع الخلقة مع قصر، وأعور عينه اليمنى يعني أن عينه اليمنى عوراء.
وفي هذا نص صريح على أن العور في العين ، أن من قال إن معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الدجال أعور ) أي معيبا وليس المعنى أنه له عين عوراء، قالوا ذلك فرارا من إثبات العين لله، لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور )، قالوا فرارا من إثبات العين أعور ليس معيب، ونسوا الأحاديث الصريحة الصحيحة في أنه أعور العين، ولا إشكال فيها.
وقد بينا أن كون الدجال أعور العين اليمنى دليل على أن الله له عينان اثنتان وليس به أكثر، ليس له واحدة.
ومعلوم أن العين وردت في كتاب الله على وجهين: الإفراد والجمع، فالإفراد كقوله تعالى : (( ولتصنع على عيني ))، والجمع كقوله : (( تجري بأعيننا ))، ولا منافاة بينهما فإن المفرد المضاف يعم، فلا ينافي الجمع، والجمع يدل على التعدد، ولكن هذا التعدد هل هو ثلاثة فأكثر، أو عينان اثنتان ؟
أجمع أهل السنة أنهما عينان اثنتان بلا زيادة، وأن الجمع في قوله: (( تجري بأعيننا ))، (( فسبح بحمد ربك فإنك بأعيننا )) الجمع يراد به التعدد للتعظيم، وليس لحقيقة العدد الذي هو ثلاث فأكثر، على أن من علماء اللغة من يقول إن الجمع أقله اثنان، ويستدل بمثل قوله تعالى : (( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما )) وهما اثنتان، وهما ليسا لهما إلا قلبان، كما قال تعالى : (( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه )).
وعلى كل حال فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات أن الله سبحانه وتعالى له عينان، وحديث الدجال صريح بذلك، لأنه لو كان له سبحانه أكثر من ثنتين لكان الزيادة على الثنتين كمالا، ولا يمكن أن يعدل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الكمال إلى قوله : ( إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ).
فهنا جعل الفارق بين عين هذا الدجال وبين عين الرب عز وجل العور في العين، ولو كان له أكثر من عينين لقال : إن له عينين ولربكم.