قراءة من الشرح . حفظ
القارئ : يقول : " والمعتمد أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث جاء من طريق أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه عمود الكتاب انتزع من تحت رأسه الحديث.
وأشهر طرقه: ما أخرجه يعقوب بن سفيان والطبراني وصححه الحاكم من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فأتبعته بصري، فإذا هو قد عهد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام ) وفي رواية: ( فإذا وقعت الفتن فالأمن بالشام )، وله طريق عند عبد الرزاق رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعا بين أبي قلابة وعبد الله بن عمرو، ولفظه عنده: ( أخذوا عمود الكتاب فعمدوا به إلى الشام )، وأخرج أحمد ويعقوب بن سفيان والطبراني أيضا عن أبي الدرداء رفعه: ( بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ) الحديث وسنده صحيح.
وأخرج يعقوب والطبراني أيضا عن أبي أمامة نحوه وقال: ( انتزع من تحت وسادتي )، وزاد بعد قوله: ( بصري ): ( فإذا هو نور ساطع حتى ظننت أنه قد هوي به فعمد به إلى الشام وإني أوّلت أن الفتن إذا وقعت أن الأمان بالشام )، وسنده ضعيف.
وأخرج الطبراني أيضا بسند حسن عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لواء تحمله الملائكة، فقلت: ما تحملون قالوا عمود الكتاب أمرنا أن نضعه بالشام، قال: وبينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع حتى وضع بالشام )
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد والطبراني بسند ضعيف، وعن عمر عند يعقوب والطبراني كذلك، وعن ابن عمر في فوائد المخلص كذلك.
وهذه طرق يقوي بعضها بعضا، وقد جمعها ابن عساكر في مقدمة تاريخ دمشق وأقربها إلى شرط البخاري حديث أبي الدرداء فإنه أخرج لرواته إلا أن فيه اختلافا على يحيى بن حمزة في شيخه هل هو ثور بن يزيد أو زيد بن واقد؟ وهو غير قادح، لأن كلا منهما ثقة من شرطه.
فلعله كتب الترجمة وبيض للحديث لينظر فيه فلم يتهيأ له أن يكتبه، وإنما ترجم بعمود الفسطاط ولفظ الخبر: ( في عمود الكتاب ) إشارة إلى أن من رأى عمود الفسطاط في منامه فإنه يعبر بنحو ما وقع في الخبر المذكور، وهو قول العلماء بالتعبير قالوا: من رأى في منامه عمودا فإنه يعبر بالدين أو برجل يعتمد عليه فيه، وفسروا العمود بالدين والسلطان، وأما الفُسطاط فقالوا من رأى أنه ضرب عليه فسطاط فإنه ينال سلطانا بقدره أو يخاصم ملكا فيظفر به "
.
الشيخ : هذا والله أعلم إذا صح الحديث فيحمل على أن الخلافة انتقلت من المدينة ومن العراق إلى الشام ثم عادت إلى العراق كما هو معروف، والله أعلم.
السائل : أحسن الله إليك الأحاديث التي وردت في فضل الشام ومصر والحجاز كيف نوفق بينها الآن والواقع ؟
الشيخ : ما يمتنع أن تكون الأفضلية في زمن مضى أو يستقبل، ولا شك أن هذه المدن الثلاثة أو الأقاليم الثلاثة في زمن مضى كانت هي أفضل الأقاليم الإسلامية لكن لما دخلها الكفار واستعمروها وذل أهلها عادت إلى ما تسمعون الآن.
السائل : الفُسطاط ؟
الشيخ : الفُسطاط مثل الخيمة نعم.