فوائد حديث : دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه ... حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه جملة : وهو قوله: " وهو مريض " والفائدة منها ضبط الراوي للحديث وأنه ذكر حتى حال محدثه وفيها فائدة أخرى وهي أن المريض لن يحدث إلا ما علم علم اليقين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله لأن المريض لا شك أن الدنيا عنده رخيصة وأن الآخرة عنده أغلى من الدنيا فتجده لا يتكلم إلا بما يعلم أنه حق يقول : " حدثنا بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم " يعني ليس بينك وبينه واسطة فقال : ( دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه ) المبايعة هي : العهد وسميت مبايعة لأن كلا من المتعاهدين يمد باعه إلى الآخر ليمسك بيده فيقول هكذا ويضم يده ويقول بايعتك على كذا وكذا فكان ( فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة ) لا على السمع والمعصية قال تعالى : (( سمعنا وأطعنا )) وقال في أهل الكتاب : (( سمعنا وعصينا )) فهنا يقول : ( السمع والطاعة ) السمع : لنفهم ما يقال وما يؤمر به والطاعة لننفذ ( في منشطنا ومكرهنا ) : يعني في منشطنا في القبول ومكرهنا في عدم القبول بمعنى أننا نسمع ونطيع في أمر نتلقاه بنشاط وفي أمر نتلقاه بكراهة هذا وجه الوجه الآخر ( في منشطنا ) : أي في منشط الجسم لأن الإنسان إذا نفذ وهو نشيط الجسم سهل عليه ( ومكرهنا ) : مع مشقة في الجسم لأن الإنسان إذا نفذ في حال التعب والمشقة صار عليه شيء من الكراهة ( وعسرنا ويسرنا ) : عسرنا قلة المال ويسرنا كثرته ودليل ذلك قوله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا )) ( وأثرة علينا ) : هذا هو المهم يعني أن نسمع ونطيع مع الأثرة علينا يعني الاستئثار علينا فلنفرض مثلا أننا أمرنا بشيء واستأثر علينا ولاة الأمر بأن كانوا لا يفعلون ما يأمرونا به ولا يتركون ما ينهونا عنه أو استأثروا علينا بالأموال وفعلوا بها ما شاؤوا ولم نتمكن من أن نفعل مثل ما فعلوا هذا من الأثرة وأشياء كثيرة من الأثرة والاستئثار فنحن علينا أن نسمع ونطيع حتى في هذه الحال ( وأن لا ننازع الأمر أهله ) : أي لا نحاول أن نجعل لنا سلطة ننازعهم فيها ونجعل لنا من سلطتهم نصيبا لأن السلطة لهم فلا ننازعهم قال : ( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) : ففي هذه الحال ننازعهم لكن انظر إلى الشروط أن تروا أنتم بأنفسكم لا مجرد السماع لأننا ربما نسمع عن ولاة الأمور أشياء فإذا تحققنا لم نجدها صحيحة فلا بد أن نرى نحن بأنفسنا مباشرة سواء كانت رؤية علم أو رؤية بصر المهم أن نعلم الثاني : ( كفرا ) أي لا فسوقا فإننا لو رأينا فيهم أكبر الفسوق فليس لنا أن ننازعهم الأمر بل أن نرى كفرا الثالث : ( بواحا ) : أي صريحا ليس فيه تأويل فإن كان فيه تأويل ونحن نراه كفرا لكن هم لا يرونه كفرا سواء كانوا لا يرونه باجتهاد منهم أو بتقليد من يرونه مجتهدا فإننا لا ننازعهم ولو كان كفرا ولهذا كان الإمام أحمد كان يقول : " إن من قال القرآن مخلوق فهو كافر " والمأمون كان يقول القرآن مخلوق وكان يدعو الناس إليه ومع ذلك كان يدعوه بأمير المؤمنين لأنه يرى أن القول بخلق القرآن بالنسبة له ليس بواحا ليس صريحا فلا بد أن يكون هذا الكفر صريحا لا يحتمل التأويل فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يحل لنا أن ننازع الأمر أهله الرابع : ( عندنا فيه من الله برهان ) : أي دليل قاطع بأنه كفر لا مجرد أن نرى أنه كفر ولا مجرد أن يكون الدليل محتمل لكونه كفرا أو غير كفر بل لا بد أن نعلم أن يكون الدليل صريحا قاطعا أنه كفر فانظر إلى هذه الشروط الأربعة إذا تمت الشروط الأربعة حينئذ ننازعه ولكن هذه المنازعة لها شروط ما هي ؟ أن يكون لدينا قدرة وهذه مهمة جدا يعني لا أن ننازع ونخرج إليه بالسكاكين ومحاجين الحمير نعم وهو عنده الدبابات والقذائف وما أشبه ذلك لو أننا فعلنا ذلك لكنا سفهاء ننازعه بعد أن نكون قادرين على منازعته نعم أعرفتم ولا لا لكن ننازع ونحن لا نستطيع هذا أولا حرام علينا لأنه يضر بنا ويضر بغيرنا أيضا ولأنه يؤدي في النهاية إلى محو ما نريد أن يكون السلطان عليه لأن السلطان كما تعرفون ذو سلطة يريد أن تكون كلمته إيش ؟ هي العليا فإذا رأى منازعة أخذته العزة بالإثم واستمر فيما هو عليه وزاد عليه فيكون نزاعنا له زاد الطين بلة فلا يجوز أن ننازعه إلا ومعنا قدرة وقوة على إزاحته وإلا فلا وبناء على ذلك نعرف خطأ من يتصرفون تصرفا لا تنطبق عليه هذه الشروط لأننا نشاهد الواقع الآن هل الذين يقومون باسم الإسلام على دولة متمكنة عندها من القوات ما عندها ولها من الأنصار أنصار الباطل كثيرون ثم نقوم نحن وليس عندنا ولا ربع ما عندهم ما الذي يحصل من النتيجه تحصل نتيجة عكسية سيئة ونحن لا ننكر أن يكون هذا نواة لمستقبل بعيد لكننا لا ندري والإنسان ينظر إلى ما كان بين يديه أما المستقبل فإن كان بعض الناس قد يقول أنا أخطط الآن لهذه الثورة وأقدم عليها وإن لم أنجح فيها لكن يقولون خطة لإيش ؟ للمستقبل لعل أحدا من الناس يفعل نحن نقول إن هذا احتمال ثم لو قدر أنه فعل كما فعلت فالنتيجة واحدة فإذا لا بد أن نصبر حتى يكون لنا قدرة على المنازعة والإزاحة والمسألة خطيرة جدا والإنسان يتخذ عبرة من الواقع السابق والواقع الحاضر القريب ويتعظ والأمثلة ربما تكون في نفوسكم الآن وإن لم نمثل لها لكنها واضحة فلو مشينا على ما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ( بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ) ثم أضفنا إلى هذه الشروط الأربعة شرطا ذكره الله في القرآن وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ماهو ؟ القدرة هذه لا بد منها في كل واجب لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وبالإمكان أن الإنسان إذا رآى من تمت فيه الشروط في سلطان بالإمكان أن ينازع لكن لا مقابلة وجها لوجه لكن من طرق يسمونها الناس دبلوماسية يستطيع أن يصل إلى العمق في جهات ما لا يحسن ذكرها ويتوصل إلى غايته أما المجابهة كما يفعله بعض الناس فهذه ليست من الدين في شيء وإن كان عنده حسن نية وعنده عمل صالح عنده عبادة وعنده علم لكن ليس عنده حكمة والحكمة قال الله فيها : (( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) ثم هناك طريق آخر غير المنازعة لا ندري لعل الله يحدث به خيرا وهي المناصحة بالطرق الحكيمة القوية بأن يجتمع مثلا من لهم كلمة عند السلطان وزلفى عنده أي قربى منه ولهم كلمتهم يجتمعون ويدرسون الوضع تماما دراسة متأنية راسخة عميقة لأن الدراسة السريعة ما يحصل فيها شيء الدراسة السطحية لا يحصل منها شيء لا بد من دراسة متأنية عميقة والدراسة ليست دراسة المعايب فقط لأن السلطان إذا ذكرت معايبه ولم تذكر محاسنه يقول هذا كافر للنعمه أذكر المحاسن وأذكر المساوىء وإذا ذكرت المساوئ لا يكفي أن تضعها بين يدي السلطان هكذا مفتوحة مفتوحة مغلقة مفتوحة للإطلاع عليها مغلقة في الخروج منها أذكرها مفتوحة ليطلع عليها ثم أذكرها مفتوحة ليخرج منها قل هذا حرام هذا لا يجوز شرعا هذا إذا نفذ فإن الله تعالى قد يفسد الأمر منك لكن عندك الطريقة الأخرى افعل هكذا فهو خير ثم أذكر منافع هذا الشيء علمنا الله ذلك وعلمنا رسول صلى الله عليه وسلم ذلك ففي القرآن قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا )) لما نهاهم عن المحظور بين لهم المباح لا تقولوا راعنا لكن قولوا انظرنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي جاء له بتمر جيد وقال إني آخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة قال : ( لا بع الردي بالدراهم واشتر بالدراهم جيدا ) ما قال هذا ربا وسكت أطلعه على المعايب ولكنه لم يخرجه منها بل بين له ما يخرج به منها هذا قد يجعل الله فبه خيرا مع حسن النية والحكمة في إيصال النصيحة لولي الأمر لكن ما شاء الله الشباب يحبون الشيء على طول يطلع فيحصل عليه من الضرر ما تسمعون في الإذاعات وأسأل الله لهم الهداية والرسول صلى الله عليه وسلم رسم لنا خطا مستقيما جيدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم.