شرح حديث بناء الكعبة . حفظ
الشيخ : وذكر المؤلف رحمه الله حديث بناء الكعبة عن عائشة رضي الله عنها قالت " سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الجدر أمن البيت هو " يعني أم لا ؟
الجدر : هو الحجر ، جدار مبني معروف ، كلكم تعرفونه (...) ، أمن البيت هو ، ( قال : نعم )، يعني أنه من البيت ، وظاهر هذا الحديث أن جميع الحجر من البيت ، لكن أكثر العلماء يقولون إن الذي من البيت من الحجر ستة أذرع ونصف تقريبا ، ستة أذرع ونصف ليس الحجر كله ، فلعل الحجر في ذلك العهد ، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان دون هذا ، وهذا هو الأقرب ، لأن الحجر كما تشاهدون مقوس والكعبة لا تكون كعبة إلا إن كانت بناء مربعا ، ولهذا نقول الأقرب أنه من حيث يبتدئ التقويس تنتهي الكعبة ، من حيث يبتدئ تنتهي ، وكأن الذي بناه مقوسا والله أعلم ، كأنه أراد أن لا يكون مربعا فيتمسح الناس بأركانه كما يتمسحون بالحجر والركن اليماني ، لإنه إذا كان مقوسا ما فيها أركان تمسح ، بخلاف ما لو كان مربعا ، ونظير هذا ما فعله بعض الولاة في الشاذرواني .
أتعرفون الشاذروان ؟ الشاذروان العتبة المبنية أسفل الكعبة دائرة عليها ، هذا البناء كان بالأول مسطحا وكان الناس يركبونه يطوفون عليه إذا زحموا ،لأنه كان مسطح فجاء بعض الخلفاء جزاهم الله خيرا وجعله غير مسطح، بحيث لا يتمكن الإنسان من إيش ؟ من الوقوف عليه والطواف به ، لأنهم يرون أنه من أصل الكعبة ومعلوم أن الطواف يجب أن يكون بجميع البيت ، لكن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله يرى أن الشاذروان ليس من الكعبة وإنما بني لدعم الكعبة ، فهو عماد لها وليس منها ، ولكن الإحتياط لاشك أن يطوف الإنسان من وراء الشاذروان ، أقول يظهر لي والله أعلم أن الحجر من حين التقويس ينتهي حد الكعبة ، وهو من حين التقويس كل ثلاثة ، ستة أذرع ونصف تقريبا ، فلعله في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مربعا إلى ذلك الحد ( أمن البيت هو ؟ قال : نعم . قالت فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟ ) مناقشة ، والصحابة عندهم الصراحة ، يعني لو أنها اقتصرت لما قال نعم انتهى الموضوع ، لكنها أوردت إشكالا إذا كان من البيت فلماذا لم يدخل ، قال : ( إن قومك قصرت بهم النفقة ) يعني فلم يتمكنوا من بناء البيت كله .
لكن لماذا اختاروا تلك الجهة ؟ نعم اختاروا تلك الجهة لأن الجهة اليمانية فيها الحجر والركن اليماني ، ولا يمكن أن تختل ولهذا رأوا يمكن أن يكون التقصير من الجهة الشمالية . انتهى الإشكال ، ولا لا أو ما انتهى ؟
السائل : انتهى .
الشيخ : انتهى . قصرت فيهم النفقة وعززوا أن يبنوا بقيتها ، لكنك تتعجب كيف عجزوا أن يبنوا بقيتها مع أنهم أصحاب إبل وأصحاب أموال ولهم تجارات من الشام و تجارات من اليمن ، وفيهم الأغنياء ، فلماذا ، فلماذا قصرت بهم النفقة ، لأنهم اختاروا أن لا يبنوه من شيء محرم ، لا من الربا ولا من الميسر ، قالوا لا يمكن أن نبني بيت الله إلا بأطيب أموالنا ، وهذه من حماية الله للبيت ، سبحان الله ، كفار لا يحلون ولا يحرمون ، لكن حمى الله البيت أن يبنى بكسب من حرام .
السائل : ... ؟ .
الشيخ : هاه .
السائل : ... ؟ .
الشيخ : حمى الله البيت أن يبنى بكسب حرام .
السائل : ... ؟ .
الشيخ : طيب ، فقصرت بهم النفقة فبنوه على هذا ، جاء إشكال آخر من عائشة رضي الله عنها قالت : " قلت فما شأن بابه مرتفعاً " وهي حجرة من الحجر والمفروض أن تكون ، أن يكون بابها لاطئا بالأرض حتى يدخله من يدخله من الناس ، أو أن يكون له درج إذا رفع والدرج ممتنع لأن الدرج يعيق الطائفين ، فما بالهم رفعوه قالت : ( فعل ذاك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ) تحكم والعياذ بالله ، لأجل من شاء يدخلوه ، إذا جاء إنسان كبير له جاه أو غنى أو ما أشبه ذلك دخلوه في الكعبة ، وإذا جاء من سواه قالوا الباب مغلق والعتبة رفيعة ولم يدخلوه ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض ) يعني لفعلت ، الشاهد من هذا الحديث قوله لولا أن قومك حديث عهدهم فبين الرسول صلى الله عليه وسلم المانع له من إعادة البيت على قواعد إبراهيم وعلى الوصف الذي ذكره وهو أن قريشا كانوا حديث عهد بكفره ، والكافر لضعف إيمانه ، ولأن الإيمان لم يرسخ في قلبه يستنكر كل شيء ، كل شيء يستنكره ، فأخاف أن تنكر قلوبهم يعني ما أفعل لفعلت .