فوائد حديث قتال مانعي الزكاة . حفظ
الشيخ : ففيه دليل على حسن سيرة الصحابة رضي الله عنهم ، وأن الصغير يناقش الكبير ، وفيه أيضا دليل على أن مقصودهم الحق ، فيرجع المناقش إلى الحق ، لأن عمر لما رأى الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال علم أنه الحق ، وفيه دليل على أن الرجل المجتهد المعروف بالصلاح ، إذا انشرح صدره بشيء فهو على الحق ، فهو دليل على الحق ، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما تردد في الصدر ، أو ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس ، ومن فوائد هذا الحديث أيضا قوة أبي بكر رضي الله عنه في مواطن الضيق وأنها تربوا على قوة عمر رضي الله عنه ، ففي موت الرسول عليه الصلاة والسلام حصل من عمر ما يعرفه أكثركم ، وجاء أبو بكر وهو أشد مصيبة من عمر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، جاء مطمئنا وصعد المنبر وأخبر الناس بموت الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقال من كان يعبد محمدا فإن محمدا مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وتلا : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قاتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا )) فكان عمر يقول فوالله ما أن سمعت حتى عقلت ، فما تقلني رجلاي ، وفي جيش أسامة الذي نفذه الرسول عليه الصلاة والسلام وتوفي وهو في ظهر المدينة ، أمر أبو بكر رضي الله عنه أن يستمر الجيش فجادله في ذلك عمر فقال والله لا أكلن راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفذ الجيش وصارت العاقبة حميدة ، لأن الذين ارتدوا من العرب ، قالوا لولا أن عند هؤلاء القوم قوة ، ما بعثوا جيشا يقاتل الروم فاستسلموا ، وهذه المسألة الثالثة أيضا ، في قتال أهل الردة ، فإن عمر توقف حتى بين لهم أبو بكر رضي الله عنه بهذا الحزم ، قال لو منعوني عناقا أو عقالا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على ذلك ، وفي هذا الحديث دليل على فائدة عظيمة ، وهي أن مانع الزكاة يقاتلون عليها ، ولا يقتلون ، يقاتلون عليها حتى يؤدوها ، ودماؤهم حرام ، لكن يقاتلون من أجل القيام بالواجب ، كما نقول بأنه يقاتل من ترك الأذان ولا يقتل ، كما نقول يقاتل ، تقاتل الفئة الباغية ولا تقتل ، فباب القتال أوسع من باب القتل .