فوائد أثر عمر بن الخطاب . حفظ
الشيخ : وفي هذا دليل عظيم على أهمية الخلافة ، أو السلطة ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يتعرض لها بسوء لخوف الفتنة ، فإن هؤلاء الرهط قالوا لو مات عمر لبايعت فلانا ، ولم يعيب في الحديث ، ولكن هذا يدل على أنهم كرهوا مقامه ، أو كرهوا خلافته ، فقدروا هذا التقدير ، على أن يحتمل أن يكون فلان في رأيه أفضل من عمر رضي الله عنه ، وإن لم يكن ذلك كراهة لعمر ، لكن محبة لمن هو أولى ومع ذلك غضب عمر رضي الله عنه ، ثم فيه أيضا دليل على أن الإنسان الفاضل قد يفوته شيء جعل منهم يبغضوه ، فإن عمر لا شك أفضل من عبد الرحمن بن عوف ، وأوفى عقلا وأرجح رأيا ، ولكنه قد تفوته ولا سيما عند الحمية وعند الغضب ، لأن الإنسان يفوته الشيء الكثير ، وفيه أيضا دليل على أن الإنسان ينبغي له أن يضع الأحاديث مضعه ، فلا يحدد بحديث يخشى منه الضرر أو الشر وإن كان خير ، قد يحدث بحديث خير ، لكن يسمعه أهل الشر فينزلونه على ما يريدون ، فينقلونه على من يريدون ، فلذلك يجب أن يتحرج الإنسان حتى في الإفتاء في العلم ، يجب أن يتحقق كم من إنسان أفتى فتوى علم على ظاهر السؤال ثم استغل في القدح في بعض الناس ، والإنكار عليهم وما أشبه ذلك ، فالإنسان لا سيما في زمن القيل والقال وكثرة الكلام يجب عليه أن يتحرج تحرجا كاملا ، وإذا علم الله من نيته الخير وفقه للحق ، ووقاه من الشر ، وفيه دليل على أن ، أنه على أن القرب من المتكلم والخطيب لا يدل على أن الذي يقرب إليه هم أهل العقل وأهل الفهم ، بل الذي يقرب في الغالب ولا يستحي هم ، إيش ، عامة الناس ، عامة الناس فتجد أهل الخير وأهل العقل وأهل الرزانة يستحيون فلا يزاحمون ولا يتزاحمون على في المجالس ويكون في آخر الناس ، ولهذا يقول مجمع رعاع الناس يغلبون على مجلسه، وفيه أيضا التحرز من الرعاع وأن لا ينقاد الإنسان معهم ، وأن يحكم عقله على عاطفته ، فإن بعض الناس يغتر إذا رأى الرعاع ، يعني يطبلون وراءه ويزمرون وراءه فإنه ربما يغتر فيتكلم بما يظن أنه يرضيهم وإن كان فيه مضرة ، عاجلة أو آجلة ، وفيه أيضا دليل جواز تأخير ما يظن فيه المصلحة لدرء المفسدة ، لأن عمر أخر ما أراد أن يتكلم به إلى أن يقدم إلى المدينة ، وحصل فيه الخير الكثير ، وفيعه دليل على جواز نسخ اللفظ وإبقاء الحكم ، وذلك في آية الرجم ، فإنها كانت موجودة في القرآن أنه إذا أحصن الرجل وزنى فإنه يرجم ، قال عمر رضي الله عنه : " إننا قرأناها وحفظناها ووعيناها ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نرى ، لا نرى ،لا نرى الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فضيلة أنزلها الله عزوجل وإن الرجم حق ثابت على من زنى إذا أحصن وكانت البينة أو الإفتراء ، وكان الحبل أو الإعتراف " .