باب : الأحكام التي تعرف بالدلائل ، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخيل وغيرها ، ثم سئل عن الحمر ، فدلهم على قوله تعالى : (( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره )) . وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب ، فقال : ( لا آكله ولا أحرمه ) . وأكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم الضب ، فاستدل ابن عباس بأنه ليس بحرام . حفظ
القارئ : باب : الأحكام التي تعرف بالدلائل وكيف معنى الدلالة وتفسيرها وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخيل وغيرها ثم سئل عن الحمر فدلهم على قوله تعالى : (( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره )) وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب فقال : ( لا آكله ولا أحرمه ) وأكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم الضب فاستدل ابن عباس بأنه ليس بحرام .
الشيخ : هذا الباب في الحقيقة المقصود به معرفة الأحكام بالإستنباط والقرائن فالاستنباط والقرائن لاشك أنه من طرق ثبوت الأحكام لأن طرق ثبوت الأحكام متعددة فتارة ينص على الحكم بعينه وتارة يؤخذ بالقرينة وتارة يؤخذ بالعموم إلى غير ذلك فلننظر أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخيل وقال فيه الخير إلى يوم القيامة وسئل عن الحمر فقال لم ينزل علي فيها إلا هذه الآية الشاذة الجامعة يعني المنفردة التي اعتبروا حكما فاصلا ثم قرأ : (( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) يعني أن الحمر ليس فيها خير لذاتها ولا شرها ، لكن إن عملت بها خيرا أثبت وإن عملت فيها شرا عوقبت ، وسئل عن الضب فقال : ( لا آكله ولا أحرمه ) لا يأكله ، وعلل ذلك بأنه ليس في أرض قومه فهو يعافوه ، لكنه لم يحرمه لأنه أكل على مائدته على مائدته صلى الله عليه وسلم ، أكله خالد بن الوليد ، فاستدل ابن عباس رضي الله عنه بأنه ليس بحرام ، لأنه لو كان حراما لم يقر النبي صلى الله عليه وسلم خالدا ولا غيره على أكله ، واستدل ابن عباس رضي الله عنه بأن أجر الحجام حلال مع أن النبي صلى الله عليه قال : ( كسب الحجام خبيث ) فاستدل ابن عباس على جوازه لأن النبي صلى الله عليه وسلم حجم وأعطى الحجام أجره ولو كان حراما لم يعطه كذلك أيضا نستدل على جواز أخذ الأجرة على القراءة على المريض لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقر الصحابة على أخذ الأجرة ، هذا القراءة على المريض ، ونأخذ كذلك جواز الأجرة على تعليم القرآن من هذا الحديث فالمهم أن طرق الإستدلال كثيرة ، تكون بالقرائن وبالنص والعموم وفي غير ذلك ، والناس يختلفون في هذا اختلافا كثيرا ، مثلا لو قال لك قائل هل يجوز للإنسان أن يصبح جنبا وهو صائم ، نقول نعم يجوز من أين ذلك لأن الله قال : (( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )) فإذا جاز الإنسان أن يباشر زوجته إلى طلوع الفجر لزم ذلك أن يصبح وهو وهو جنب والأمثلة على هذا كثيرة أن الحكم يكون بالنص على نفس الحكم وبالعموم وبالإستنباط وبالإشارة وبغير ذلك والناس يختلفون في هذا اختلافا كثيرا تجد بعض الناس يأخذ من نص واحد عدة مسائل وآخر لا يستطيع أن يأخذ ولا نصف الذي أخذ الأول، يذكر أن الشافعي رحمه الله استضاف الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام أحمد بن حنبل يذكره عند أهله يذكر الشافعي بخير فاستضاف فنزل عليه ضيف ذات يوم فقدم إليه العشاء فأكله كله أكل الطعام كله ثم انصرف الإمام أحمد وبقي الإمام الشافعي في فراشه ولم يقم في آخر الليل للصلاة ما قام للتهجد ثم أذن الفجر فقام يصلي ولم يطلب ماءا للوضوء فلما أصبح الإمام أحمد قال له أهله ما هذا الشره أكل الطعام كله ونام ولم يتهجد وصلى بغير وضوء الفجر نعم كل هذه عدوها عيوبا فسال الإملام أحمد سأل الإمام الشافعي ما الذي ما هو شأنك البارحة قال أما الطعام فملأت بطني منه ، لأنني لا أجد طعاما أحل من طعام الإمام أحمد فملأت بطني من هذا الطعام الحلال وملأ البطن لعارض لا بأس به فإن أبا هريرة لما سقاه النبي صلى الله عليه وسلم اللبن وروي قال اشرب قال لا أجد له مساغا يعني امتلأ بطنه وأما كوني لم أتهجد لأن العلم أفضل من التهجد وكنت أفكر في استنباط الأحكام من قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) وأقل ما قيل أنه أخذ من هذا الحديث ثمانين مسألة نعم وأما كوني خرجت ولم أتوضأ فلأن وضوءي لم ينتقض لأنني ما نمت يعني كأنه يقول لا أحب أن أكلفكم أن تأتوني بالماء الشاهد أن الناس يختلفون في استنباط الأحكام من الأدلة ، ومن أكثر ما مر علي من الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة ابن القيم رحمه الله فإن له مجال واسع ويظهر ذلك تماما من كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد ، وكذلك شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله له قوة في استنباط الأحكام ويظهر ذلك في كلامه على آية الوضوء في سورة المائدة فقد استنبط منها أحكاما كثيرة، نعم، ما في حديث ، نعم .