فوائد في معرفة الله عزوجل حفظ
الشيخ : وفي الحديث دليل رد على قائل يقول :إن أول واجب على الإنسان المعرفة قبل أن يعتقد أي أننا ندعو الناس أولا إلى أن يعرفوا ويتعلموا ، ثم بعد ذلك يعتقدون.
وأفسد منه قول من يقول : إن أول واجب على الإنسان الشك ، أن يشك أولا ثم ينظر في الآيات لكي يدفع هذا الشك . وهذا القول من أبطل الأقوال، بل هو أبطل قول سمعته، لأن الذي يلقي نفسه في الطين ليتعود كيف يخرج من الطين هل يأمن أن يركس في الطين أو لا يأمن؟ لا يأمن. ربنا نقول لهذا القائل: شك أولا ثم يشك وبعدين ما يستطيع يصل إلى اليقين فيبقى شاكا نسأل الله العافية من هذه الأقووال ، والسبب في هذه الأقوال هو انحراف الفطرة والطبيعة عند هؤلاء، فيظنون أن الناس مثلهم ، والناس في الحقيقة الناس مجبولون على الفطرة، لا يحتاج إلى أن يقولوا انظروا من خلق السماوات والأرض لأن هذا أمر معلوم فطريا، بل نقول وحدوا من خلق السماوات والأرض، واعبدوه وحده. نعم لو احتاج الإنسان إلى نظر فإننا نخبره، مثل شخص نشأ في بلاد شيوعية لا يعرفون ربا ولا إلها ، وإنما هم كالأنعام ، فهؤلاء قد نحتاج إلى أن نعرفهم بالله أولا ، ثم ندعوهم إلى التوحيد ثانيا، لكن أهل الكتاب هل يحتاجون إلى تعريف بالله أو لا يحتاجون ؟لا يحتاجون ، لأنهم عندهم علم بالله عز وجل بل يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، فصار أول ما ندعو الناس إلى توحيد الله عز وجل ، قبل المعرفة ، لأن هذا أمر فطري ، إلا أذا كان إنسان منغمسا في قوم أفسدوا فطرته نعرفه بالله أولا ثم ندعو إلى توحيد الله، أما القول بأن الواجب الشك أولا ثم المعرفة ثانيا ثم العقيدة ثالثا فهذا من أبطل الأقوال ، بل هو أبطل قول سمعته طيب.
وفي الحديث: قوله : ( فإذا عرفوا ذلك ) استدل بعض الناس أن أول شيء هو المعرفة لقوله : ( فإذا عرفوا ذلك ) لكن ذكرنا لم آنفا أن الحديث روي بألفاظ متعددة وأوفى هذه الألفاظ هو قوله اللفظ الثاني : ( فإن هم أطاعوك لذلك ) هذا اللفظ الذي سيق به الحديث سياقا تاما ، وعلى هذا نقول هذا اللفظ الذيذكرنا المؤلف هنا منقولا بالمعنى على أن قوله ( إذا عرفوا ذلك ) لا يتعين أن معناه أن المراد به إذا عرفوا الله ، بل المراد إذا عرفوا ذلك أي عرفوا أن الله إله واحد ، أي عرفوا التوحيد وأقروا به وانقادوا له ، فأخبرهم أن افترض عليهم إلى آخره وهذا لا يحتاج إلى شرح وهو معروف وقد سبق وفي قوله في الحديث: زكاة في أموالهم تدل هذه اللفظة تدل على أن الزكاة واجبة في المال ، وهو كذلك ولهذا لا يشترط لوجوبها على القول الراجح أن يكون مالك المال مكلفا أي بالغا عاقلا ، فتجب في مال الصبي وفي مال المجنون .
وقوله : ( من غنيهم فترد على فقيرهم ) ، المراد بالغني : من يملك نصابا زكويا، أما من يملك العقار ولو كثر فإنه ليس غنيا بالنسبة لوجوب الزكاة عليه ، لأن العقارات على الرأي الراجح لا تجب فيها الزكاة.
وفي الحديث أيضا : ( على فقيرهم ) ، دليل على أن الصدقة توزع على مستحقيها توزيع أفراد لا توزيع جميع، فقوله تعالى: (( إنما الصدقات للفقراء )) لبيان جنس المستحقين وليس المراد أن نستوعب هذه الأصناف بالزكاة، وهذه المسألة اختلف فيها الفقهاء رحمهم الله مع وجود هذا النص فقال بعضهم لا بد أن نقسم الزكاة ثمانية أقسام لكل واحد من الأقسام الثمانية قسم، وقال آخرون زيادة على ذلك بل ما جاء في صيغة الجمع زيادة على هذه الأصناف وجب أن نعطي ثلاثة منهم، وعلى هذا يكون الواجب أن نعطي ثلاثة فقراء وثلاثة مساكين، وثلاثة عاملين عليها، وثلاثة غارمين، وثلاثة مؤلفة قلوبهم وفي سبيل الله وابن السبيل : هذه مفرجة تصدق بالواحد ولكن القول الراجح: أن المراد في بيان المستحقين لا وجوب الصرف في الجميع ، بدليل هذا الحديث في فقرائهم.
والحديث له فوائد سبق الكلام عليه والذي يختص بهذا الباب قوله : ( إلى أن يوحدوا الله ).
السائل : ...
الشيخ : نعم صحيح لأنه لو قال قائل إن الخطاب لا يوجه إلا للمكلف أصلا لو قال قائل لكان هذا وجه قوي لكنه لما قال في أموالهم وقال في الآية : (( خذ من أموالهم صدقة )) دل على أن الزكاة مركزة في المال .