فائدة: تعريف الغيب وأقسامه . حفظ
الشيخ : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا )) الغيب ما غاب عن الخلق والغيب ينقسم إلى قسمين غيب مطلق لا يعلمه الخلق وغيب مقيد يعلمه بعض الناس دون بعض فمثلا الذين في مكة الآن هل نحن نعلمهم ؟ لا هل الذين في مكة الآن هم غائبون عنا أو لا ؟ غائبون لكن هم في مكة ليست أحوالهم أحوال الغيب إذن هذا غيب نسبي. فلو أن أحدا جاءنا يقول إن مكان المسروق الذي سرق لك كذا وكذا يعني عين المكان المسروق الذي سرقه السارق ودفنه هل نقول هذا من علم الغيب بالنسبة لنا غيب لكن بالنسبة لمن شاهد السارق وهو يدفنه لا يكون غيبا أما الغيب المطلق فهذا الذي وصف الله به وهو الذي يغيب عن كل الناس عن كل البشر مثل العلم بالمستقبل هذا غيب فمن ادعى أنه يعلم ما سيكون غدا فقد ادعى علم الغيب لأنه مستقبل والمستقبل مجهول لكل الناس. نعم يقول : (( فلا يظهر على غيبه أحدا )) وليت أن المؤلف رحمه الله أتى بآخر الآية لأن آخرها لا بد أن يذكر وهو قوله : (( إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )) لأن الله أظهر على غيبه من أظهر من الرسل فالنبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عن أمور غيبية مستقبلة من أشراط الساعة وأحوال يوم القيامة فليت أن البخاري رحمه الله ذكر هذا الاستثناء لأنه مهم قال : (( إن الله عنده علم الساعة )) هذا أيضا علم علم غيب الساعة علمها عند الله حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل فقال جبريل ما المسئول عنها بأعلم من السائل فأفضل الرسل من الملائكة لا يعلمها وأفضل الرسل من الآدميين لا يعلمها ومن دونهم من باب أولى فمن ادعى علم الساعة وقال الساعة ستقوم في الساعة الفلانية أو في الشهر الفلاني فإنه مكذب لهذه الآية وهذه دعوى باطلة ويكون كافرا، المؤلف رحمه الله الظاهر أشار إلى بقية الآية (( إن عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت )) هذه الخمسة هي مفاتيح الغيب المذكورة في قوله تعالى : (( وعنده مفاتح الغيب )) وكيف كان العلم بهذه الخمسة مفاتح الغيب لأن الساعة مفتاح الآخرة تنزيل الغيث مفتاح النبات، علم ما في الأرحام مفتاح الجنين الذي خلقه الله في هذا الرحم يعني مفتاح حياة الإنسان في الدنيا، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا مفتاح العمل في المستقبل، وما تدري نفس بأي أرض تموت مفتاح الآخرة بالنسبة لك واحد من الناس، فلهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إن مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله وذكر إن الله عنده علم الساعة ) قال : (( وينزل الغيث )) كيف جعل تنزيل الغيث وهو فعل جعل في ضمن المعلومات الغيبية يعني لم يقل ويعلم نزول الغيث قال وينزل الغيث نقول لأن الخالق لا بد أن يكون عالما بالمخلوق فإذا كان هو الذي ينزل الغيث وحده فلا أحد يعلم متى ينزل الغيث لأن علم نزول الغيث عند من ينزل الغيث، لكن جاءت الآية هكذا لأن إنزال المطر الذي به الغيث لا يكون أبدا إلا من الله عز وجل فإن قال قائل ماذا نقول عمن يتكلمون الآن في الطقس يقولون سيكون غدا مطر في الأرض الفلانية بعد الظهر أو في أول النهار أو ما أشبه هذا فالجواب عن ذلك من وجهين الوجه الأول أن هذا الأمر مبني على أمر محسوس فإن الجو يتغير ويتكيف على وجه يعلم بالآلات الدقيقة أنه مهيأ للمطر أو غير مهيأ فإذا كان كذلك فليس من الأمور الغيب، ثانيا أن هذا الذي يقولونه قد يخطئ كثيرا ولو كان علم غيب ما أخطأ لأن العلم ليس فيه خطأ، ويعلم ما في الأرحام هذا الثالث يعلم ما في الأرحام أي أرحام أرحام الآدميين أو الآدميين وغيرهم ؟ أرحام الآدميين وغيرهم هو الذي يعلم عز وجل، ما متعلق العلم هل هي الذكور والأنوثة أو أحوال هذا الجنين من كل وجه؟ الثاني لأن أحوال الأنوثة والذكورة تعلم يعلمها غير الله عز وجل فالملك الذي يؤمر بأن يخلق هذا الجنين يعلم، لأن الملك يقول يا رب أذكر أم أنثى فيقضي الله ما شاء فالملك يعلم بأن ما في الرحم ذكرا أو أنثى قبل أن يخلق ثم إن الأجهزة الأخيرة في عصرنا يمكن أن يعلم بها الجنين أذكر أو أنثى فنقول إذا متعلق العلم بالجنين ليس هو الذكورة والأنوثة لأن الذكورة والأنوثة إذا خلّق الجنين فصار ذكرا أمكن العلم به وكذلك إذا صار أنثى. ولكن نسأل أولا الجنين له متعلقات هل هذا جنين سيخرج حيا أو ميتا ؟ من يعلم الله ستطول حياته إذا خرج حيا أو تقصر من يعلم ؟ الله سيكون غنيا أم فقيرا من يعلم ؟ الله، سيكون عالما أو جاهلا سيكون أميرا أو مأمورا يعني متعلقات العلم بالنسبة للجنين كثيرة فإذا قدر أن الناس علموا ذكرا أو أنثى فإنهم لا يعلمون بقية متعلقات العلم الكثيرة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ))، ولم يقل ماذا تعمل لأن الإنسان يقدر ما يعمل تقول سأسافر غدا سأذهب إلى الكلية، سأختبر وما أشبه ذلك لكن هل يدري أن هذا يتحقق ويكون كسبا له ؟ الجواب لا ربما يكون هناك موانع تمنع تحقيق ما أراد وربما يفعل ولكن يكسب بفعله شيئا فالكسب غدا لا يعلمه إلا الله عز وجل، وما تدري نفس بأي أرض تموت حتى لو أن الإنسان قرر أن لن يخرج من بلده وكان الله قد قدر أن يموت في بلد آخر فلا بد أن يقدر الله سببا ينتقل به إلى البلد الآخر وإذا كان لا يعلم بأي أرض يموت فهو لا يعلم بأي وقت يموت من باب أولى.