الفوائد مع الشرح حفظ
الشيخ : ففي هذا دليل على علو الله عز وجل، وفيه دليل على كمال ملكوته وعظيم سلطانه، حيث كان هؤلاء الرسل الملائكة العظام يصعدون إلى الله سبحانه وتعالى، وأما قوله (( الروح )) فيحتمل أن يكون المراد بها جبريل كما قال تعالى: (( قل نزله روح القدس من ربك )) وقال: (( نزل به الروح الأمين على قلبك )) ويحتمل أن يراد بها أرواح بني آدم تعرج إلى الله عز وجل بعد الموت ثم إن كانت مؤمنة فحت لها أبواب السماء ، وإلا أغلقت أبواب السماء دونها وطرحت على الأرض والعياذ بالله وقوله جل ذكره، جل ذكره: أي عظم ذكره: (( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )) (( إليه )) إلى من؟ إلى الله (( يصعد الكلم الطيب )) الكلم: اسم جمع من الكلام، والمراد بالكلم الطيب كل كلام يقرب إلى الله عز وجل فهو كلم طيب ، أعظمه كلام الله عز وجل ثم الذكر ثم الأمر بالمعروف والنهي يعني درجات لا نستطيع أن نرتبها لكن المراد بالكلم الطيب كل كلام يقرب إلى الله عز وجل فهو يصعد إلى الله، ولا يكون الكلام طيباً إلا إذا كان مبنيا على الإخلاص وعلى المتابعة لأن ما لا إخلاص فيه فليس بطيب وما لا متابعة فيه فليس بطيب أيضاً ، وقوله: (( والعمل الصالح يرفعه )) العمل الصالح يرفعه اختلف العلماء في فاعل يرفع فقيل: الفاعل هو الله يعني أن الله يرفع العمل الصالح، وقيل أن المراد به أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب فيكون فاعل الرفع هو العمل الصالح والأقرب الأول أن الله سبحانه وتعالى يرفع العمل الصالح فإنه لما ذكر القول أنه يصعد إلى الله عز وجل بين أن العمل الصالح أيضاً يرفع عند الله سبحانه وتعالى ويجزي به يوم القيامة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ثم ذكر الأثر ، أثر أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لأخيه ( اعلم لي علم هذا الرجل الذي يأتيه الخبر من السماء ) من السماء ، من هذه ابتداء الغاية يعني من السماء إلى الأرض ، والخبر الذي يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم هو الوحي فإذا كان من السماء كان الموحي به في السماء، فيكون في هذا دليل على علو الله سبحانه وتعالى وقال مجاهد: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وهذا أحد التفسيرين في الآية وعليه يكون فاعل الرفع العمل الصالح، نعم ثم قال: (( ذي المعارج )) أي الملائكة تعرج إلى الله يشير إلى آية سورة المعارج (( ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الروح والملائكة إليه )) فهذا معنى قوله ذي المعارج أي أن الملائكة تعرج إلى الله سبحانه وتعالى وهذا نظير قوله: (( رفيع الدرجات ذو العرش )) (( رفيع الدرجات )) يعني أن الله عز وجل رفيع الدرجات نفسه ومن قال إن معناها: رافع الدرجات فقد أخطأ، لأن هذه صفة مشبهة أضيفت إلى الفاعل ، يعني أن درجاته رفيعة سبحانه وتعالى.