الفرق بين الهدايتين هداية التوفيق والسداد وهداية الدلالة والإرشاد حفظ
الشيخ : طيب فإن قال قائل : كيف تجمعون بين هذه الآية وبين قوله تعالى : (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) فبين الله في الآية الثانية هذه أن الرسول يهدي إلى صراط مستقيم وأكد ذلك بإن واللام قلنا الجمع أن الهداية نوعان : هداية دلالة وهداية توفيق فالثابتة للرسول عليه الصلاة والسلام هي هداية الدلالة يهدي يدل الناس والخاصة بالله هي هداية التوفيق. طيب فإن قال قائل : أليس الله تعالى قد قال : (( إن علينا للهدى )) فأوجب على نفسه الهدى وهنا يقول : (( ولكن الله يهدي من يشاء )) فما الجمع بينهما ؟ قلنا الجمع بينهما أن قوله : (( إن علينا للهدى )) أي للبيان فهي هداية البيان والارشاد، الله عليه البيان سبحانه وتعالى أوجبه على نفسه ولهذا قال بعدها مباشرة : (( وإن لنا للآخرة والأولى )) نحن نبين ولكن الحكم لنا من شئنا وفقناه للهداية ومن شئنا لم نوفقه نسأل الله أن يوفقني وإياكم للهداية إلى صراط مستقيم، طيب إذن تبين أنه بين الآيات بحمد لله اختلاف ولا تعارض وهكذا كل ما جاء في القرآن أو السنة الصحيحة فإنه لا يمكن أن يوقع فيه التعارض، وإن أوهم التعارض فلقصورنا نحن في الفهم أو لنقصنا في العلم أو يكون الإنسان سيئ الإرادة لا يريد إلا جمع المتعارضات ولهذا أنا أنصحكم ألا يكون همكم جمع المتعارضات ، لأن بعض الطلبة تشعر منه كلما سألك ما الجمع بين كذا وكذا ما الجمع بين كذا وكذا ما الجمع بين كذا وكذا كأنه موكل بأن يتتبع الأشياء التي ظاهرها التعارض من أجل أن يوردها على نفسه ويحصل له بذلك الشك ، فإعراض الإنسان عن ذلك فهو الأولى فليستعن بالله وليتدبر ولكن إذا وقع له مرة بآية وأشكلت عليه فليستعن بالله وليتدبر مرة بعد أخرى حتى يهدى إليه أما أن يكون ليس له هم إلا أن يجمع الآيات التي ظاهرها التعارض أو الأحاديث التي ظاهرها التعارض ثم يوردها على نفسه أولا فيقع في شك وحيرة ثم يوردها على من ... من الناس فهذا ليس من شأن طالب العلم، لكن إذا قدر أن يكون لك ذلك وسيكون لأنه ليس الإنسان محيطا بكل شيء فحينئذ استعن بالله وقرر في نفسك قبل أي شيء أنه لا تعارض بين كلام الله تعالى بعضه مع بعض ولا بين كلام الله وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، قرر هذا في نفسك وأنت إذا بنيت على هذا الأساس سهل عليك الجمع أما إذا كان شبه التعارض عندك أمامك وهو الذي بنيت عليه فإنك قد تحرم الوصول إلى الجمع ، نعم .
السائل : فيه آية يا شيخ .
الشيخ : آية ؟ وش نعم هنا .