فوائد حول الأدب في الدعاء حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث أدب عظيم في الدعاء وهو أن الإنسان إذا دعى الله سواء باستغفار أو غير استغفار وهذا اللفظ أعم من الحديث : ( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ) هذا أعم يشمل أي دعاء لا تقل : اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت اللهم ارزقني إن شئت اللهم علمني إن شئت كل الدعاء لا تقل إن شئت بل اعزم قل : اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني ، اللهم ارزقني ، اللهم علمني بدون أن تقول إن شئت، لماذا قال : ( فإن الله لا مستكره له ) يعني لا أحد يكرهه حتى تقول إن شئت أعطني وإن شئت لا، وفي هذا من سوء الأدب في الدعاء أولا : أنه يشعر بأن الداعي يرى أن الله له مكره فكأنه يقول : إذا أكرهت فإن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل ثانيا : أنه يشعر باستغناء الداعي عن الله باستغناء الداعي عن الله ليش؟ لأنك لو قال لك قائل: تريد كذا وكذا فقلت : إن شئت معناها إيش مستغني إن شئت فاعطني وإن شئت فاحرمني ففيه من سوء الأدب أنه يشعر بأن الداعي إيش؟ مستغني عن الله عز وجل ومنها أنه قد يشعر بأن هذا عظيم على الله - يرحمك الله - عظيم على الله كبير عليه فيقول إن شئت ولهذا جاء في لفظ آخر وليعظم الرغبة يعني يسأل الله عز وجل أعظم ما يكون فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ولذلك نهي الإنسان أن يقول : اللهم أعطني إن شئت سواء كان ... أو غير ... طيب فإن قال : إن شاء الله كما يوجد عند كثير من العامة يقول الله يغفر له إن شاء الله، الله يعافيني إن شاء الله فهذه إن قصد بها التبرك فلا بأس وإن قصد بها الشرط فإنه ينهى عنه ولكنها أقل من قوله : إن شئت لأن إن شئت صريحة في خطاب الله عز وجل إن شاء الله جاءت بلفظ الغائب والمجابهة بالسوء أعظم من التكنية عنها بالغائب أعرفتم؟ ولا ها نعم، واضح اللهم اغفر لي إن شئت قلنا هذه حرام لأن الرسول نهى عنها وفيها سوء أدب مع الله إذا قلت إن شاء الله بدل إن شئت قلنا إن قصد بذلك التبرك نعم فهذا لا بأس به وإن قصد بذلك التعليق فهو منهي عنه لكنه دون قوله إن شئت ووجه هذا أن قوله إن شاء الله صيغت بصيغة الغائب إن شئت بصيغة المخاطب وهي أقبح مما إذا جاءت بصيغة الغائب ولهذا قال العلماء إن قوله تعالى : (( عبس وتولى أن جاءه الأعمى )) أهون مما لو قال عبست وتوليت أن جاءك لأن الثانية صريحة في مواجهة المخاطب فإذا كان قول القائل في الدعاء إن شاء الله أو إن شئت قبيحا وسوء أدب مع الله كان قبحه إذا جاء بصيغة المخاطب أشد لأنه صريح بالمخاطب بخلاف التكنية عن ذلك بالغائب فإنها أهون فصار إن شاء الله تختلف عن إن شئت تختلف من وجهين الوجه الأول أنه قد يراد بها إيش؟ التبرك والثاني أنها أقل بشاعة مما يجيء بلفظ المخاطب لأنها تكون بلفظ الغائب وهو أهون ومن الأشياء التي سمعناها حديثا قول بعضهم اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه فإن هذا لا يجوز ليش؟ لأنه قد جاء في الحديث لا يرد القدر إلا الدعاء أو القضاء إلا الدعاء لا يرده إلا الدعاء ثم إن قولك : لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه كأنك ترى أن هذا أمر كبير على الله أن يرد القضاء بدعائك هذه اثنين ثالثا : أن قولك لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه كأنك تقول ما يهمك كأنك تقول ما يهمني لا يهمني أن تقضي علي بفقر أو مرض أو غير ذلك لكن تلطف في يعني أعطني شوي نعم هذا أيضا خطأ أعظم في طلبك لأن الله تعالى أوسع مما في قلبك لكن سبحان الله يجي إنسان يطلق ألفاظ لها رونق مزخرفة فيتلقاها الناس من غير روية وتمشي على الناس وإلا لو تأمل الإنسان هذا الدعاء لوجده خطأ واضحا نعم .