حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث حدثنا عقيل عن ابن شهاب حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( احتج آدم وموسى فقال موسى أنت آدم الذي أخرجت ذريتك من الجنة قال آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق فحج آدم موسى). حفظ
الشيخ : الكلم بمعنى الجرح ومنه قوله تعالى : ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا إذا كان يوم القيامة جاء وكلمه يثعب دما ) أي جرحه فيقال سبحان الله هذا التفسير الذي ذكرتم بعيد عن المعنى، بل ممتنع لأن الله يقول : (( كلم الله موسى )) ثم قال بعضهم القراءة الصحيحة : (( وكلم الله َ موسى تكليما )) فحرف اللفظ ، لماذا قال كليم الله موسى تكليما ؟ ليكون الكلام من موسى لله، فقيل له ماذا تقول في قوله تعالى : (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه )) كلمه ربه هذا لا يمكن فيها تحريف اللفظ فبهت، ثم ساق المؤلف رحمه الله حديث احتجاج موسى على آدم قال : ( أخرجت ذريتك من الجنة ) بماذا أخرج الذرية من الجنة ؟ لأن الله نهاه أن يأكل من الشجرة فأكل منها فأخرجه الله عز وجل من الجنة فلامه موسى لتسببه بإخراج الذرية من الجنة انتبه ... من وراك ؟ ولكن آدم قال : ( أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه ) وهذا هو الشاهد ( وكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق فحج آدم موسى ) يعني غلبه في الحجة، وهذا الحديث اختلف فيه الناس فالمعتزلة قالوا : هذا حديث لا يصح، لأنه خبر آحاد وخبر الآحاد لا يقبل في العقائد وأفعال العباد ليست مكتوبة عند الله، بل العبد مستقل بعمله وأما الجبرية فتلقوا هذا الحديث بالقبول، وقالوا إن آدم احتج بالقدر وحكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصحة احتجاجه على موسى أعرفتم ؟ فصار الآن تنازع في هذا الحديث طائفتان الجبرية إيش ؟ قبلته والمعتزلة الذين هم القدرية رفضته، وقالوا هذا لا يصح، وأهل السنة والجماعة قبلوا الحديث، ولكنهم قالوا ليس فيه دليل لمذهب الجبرية، لأن آدم لم يحتج بالقدر على فعل المعصية، وموسى أيضا لم يحتج على آدم في فعل المعصية إنما احتج على إخراجه من الجنة، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة التي حدثت بغير اختياره وإرادته لأن آدم لو علم أنه سيخرج من الجنة ما أكل بالتأكيد، بدليل أن إبليس وسوس له (( وقال هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ))، فيكون احتجاج آدم بالقدر على المصائب لا على المعايب، لا على المعايب، ونظير ذلك أن يسافر شخص فيصاب بحادث فيلومه الأهل يقول ليش تسافر ؟ فماذا يجيب يقول : أنا ما سافرت لأجل أن يصيبني الحادث لكن هذا قضاء الله وقدره، فآدم لم يأكل من الشجرة لأجل أن يخرج من الجنة لكنه صارت النتيجة التي لا يعلم بها من قبل أنه خرج من الجنة ، فصار الاحتجاج هنا على إيش ؟ على المصيبة لا على الفعل ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء ) يعني بعد الحرص ( فلا تقل لو أني فعلت كذا ولكن قل قدر الله ) حينئذ احتج بالقدر لك أن تحتج بالقدر لأنك فعلت ما ينبغي أن تفعل وهذا الوجه كما ترون ظاهر في القوة لا سيما وأن موسى صلى الله عليه وسلم أعلم وأبر من أن يصم أباه بعيب تاب منه وهداه الله واجتباه بعده، وخرج ابن القيم رحمه الله هذا الحديث تخريجا آخر، وقال : إن آدم إنما احتج بالقدر على معصيته بعد أن تاب إلى الله وندم وليس كاحتجاج المشركين على شركهم الذي أبطله الله ، لأن احتجاج المشركين على شركهم يريدون بذلك دفع اللوم عنهم واستمرارهم على شركهم ، فأما إذا احتج الانسان بالقدر على معصيته بعد أن تاب ورجع إلى الله فإن هذا لا بأس به مثاله : رجل فعل معصية وتاب وصلحت حاله فقال لامه بعض الناس قال :كيف يا فلان تفعل كذا وكذا قال : هذا شيء أفلت مني بقضاء الله وقدره وأنا أستغفر الله وأتوب إليه فهذا احتجاج ابن القيم احتجاج صحيح واستدل له بحديث علي الذي مر علينا حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت علي فوجده نائما هو وفاطمة فقال : ( ما منعكما أن تقوما فقال : إن أنفسنا بيد الله ) ولكن ما ذهب إليه شيخ الاسلام رحمه الله بالنسبة لتخريج الحديث أولى، أما بالنسبة لاحتجاج الإنسان بالقدر بعد فعل المعصية والتوبة منها فهذا لا بأس به لا بأس أن نقول والله هذا شيء قدره الله علي وغلبت النفس غلبني الهوى غلبني الشيطان ولكني أستغفر الله وأتوب إليه هذا لا بأس به وكثيرا ما يقع كثيرا ما يقع هذا الشيء والإنسان معذور فيه لأنه لم يحتج بالقدر ليبقى على معصيته أو يدفع اللوم عن نفسه نعم قل .
السائل : شيخ أحسن الله إليكم ... .
الشيخ : كيف ؟ اقرأ يا عبد الرحمن .
السائل : شيخ أحسن الله إليكم ... .
الشيخ : كيف ؟ اقرأ يا عبد الرحمن .