كلام الشيخ على مسألة خلق أفعال العباد والرد على شبه القدرية والجبرية في ذلك. حفظ
الشيخ : وهنا قد يشكل على الانسان كيف يكون الله خلق أفعال العباد مع أن الفعل فعل العبد ، فالمصلي هو العبد، والصائم هو العبد، والقائم هو العبد، والآكل هو العبد، والشارب هو العبد، والمتخلي هو العبد، والمتوضئ هو العبد، كيف يكون هذا خلق الله عز وجل؟ يقال : وجه ذلك أن فعل العبد ناشيء عن أمرين : إرادة جازمة وقدرة إذ لولا الإرادة لم يفعل لعدم الارادة ولولا القدرة لم يفعل إيش ؟ للعجز فمن الذي خلق إرادته وقدرته ؟ الله وخالق السبب التام خالق للمسبب ، فهذا وجه كون أفعالنا مخلوقة لله أن أفعالنا ناشئة عن إيش ؟ عن إرادة جازمة وقدرة والذي خلق الإرادة والقدرة هو الله فما نشأ عنهما فهو خلق الله لأن خالق السبب التام خالق للمسبب. يبقى عندنا إذا كان هذا خلق الله فكيف يعذبنا الله على فعله ؟ نقول : إن هذا خلق الله وليس فعله ، الفعل فعلنا فالآكل نحن ولا الله ؟ نحن والشارب نحن والمصلي نحن والصائم نحن وهلمّ جرا ، فهو فعلنا ويضاف إلينا وهو خلق الله عز وجل فالمباشر إذا من ؟ الإنسان ولا الله ؟ الإنسان ولهذا يجازى على عمله لأنه مباشر له والخالق باعتبار السبب التام هو الله عز وجل وهذا أمر لا إشكال فيه .
لكن لما ضاق بطان القدرية وضاق بطان الجبرية عن الجمع بين المنقول والمعقول ذهبت الجبرية إلى المنقول وذهبت القدرية إلى المعقول . كيف المعقول الجبرية أخذوا بنصوص العموم في القضاء والقدر وقالوا : ليس للإنسان أي قدرة أو أي قوة أو أي إرادة والانسان مسكين مسيّر مكره مرغم فالذي ينزل من السطح في الدرج رويدا رويدا كالذي يُلقى من السطح بغير اجتهاده . هذا صحيح ؟ عقل لا يقولون : هذا الشرع لأن الكل بقضاء الله وقدره والإنسان مجبور قالوا : على تقديركم هذا يكون الله عز وجل ظالما لعباده حيث أجبرهم على فعل المعصية ثم عاقبهم عليها وهل هذا إلا عين الظلم ؟! تجبره على أن يفعل ثم تعذبه لو قلت لولدك مثلا : يلا كل هذا الخبز وأنت قد هيئته للضيوف خبزة وإدام هيأته للضيوف فقلت كل هذه الخبزة والإدام . قال : يا أبت هذا طعام الضيوف يأت الضيوف ما يجدون شيئا، قال: كل وإلا ضربتك أو قطعت رأسك أجبره حتى أكل أكل فلما أكل ضربه ليش تأكل طعام الضيوف ؟ فهذا ظلم ولا عدل ؟ ظلم واضح، كان يجبر بالأول ثم يعاقب على ما أجبر عليه. فقيل لهم : إذا قلتم إن الله مجبر الانسان على عمله ثم يعمل المعصيه قهرا ثم يعاقب عليها هذا ظلم قالوا : ما شاء الله الملك لمن ؟ لله ملك السموات والأرض، والمالك المطلق يتصرف في ملكه كما يشاء ولا يتصور الظلم في حقه لأنه تصرف في إيش ؟ في ملكه والمتصرف في ملكه ليس بظالم ولهذا قالوا : إن الظلم في حق الله مستحيل لعينه وفي ذلك قال ابن القيم في النونية : " والظلم عندهم المحال لذاته " ما يمكن الظلم، الظلم أن تتصرف في حق غيرك أما في حقك ما هو ظلم عرفتم فماذا نقول مع هؤلاء ؟ نقول إن هذا ظلم والله عز وجل قد نفاه عن نفسه فقال : (( وما ربك بظلام للعبيد )) وقال : (( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد )) وقال في الحديث القدسي : ( حرّمت الظلم على نفسي ) وهذا يدل على أن الظلم ممكن في ذاته وأنتم تقولون : مستحيل لذاته ، لأنه لولا إمكان بذاته ما صح أن يتمدح الله بانتفائه عنه، أليس كذلك ؟ فلولا أنه قادر على الظلم لكن تركه لكمال عدله لم يكن في انتفاء الظلم عنه مدح ، فالظلم ممكن في حق الله ممكن عقلا لكن شرعا لا يمكن وبمقتضى عدله لا يمكن. فالحاصل الآن يمكن الرد على إيش ؟ على الجبرية. جاءنا القدرية نكمل بحثنا لو تأخرنا قليلا ، جاءنا القدرية قالوا : نحن أصحاب المعقول والقدرية لاحظوا أنهم هم المعتزلة والمعتزلة عند كثير من الناس هم أصحاب العقول وهم النظار أصحاب النظر قالوا : نحن أسعد بالدليل من الجبرية المساكين ، كل إنسان يعرف أنه يفعل كما شاء ، (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) كل إنسان يعرف أن يخرج الى المسجد ويرجع إلى البيت ويخرج الى الدكان ويبيع ويشتري ولا يحس بأن أحدا يكرهه إطلاقا ولو قال : أريد أن أذهب إلى المكان الفلاني فقيل له : في هذا المكان سبع جائع وش يقول ؟ عدلت هل أحد أجبره على الإرادة الأولى وعلى الإرادة الثانية ؟ لا وقالوا : إننا إذا قلنا بذلك تبين كمال عدل الله عز وجل حيث عاقب من عصى لأن من يعصي يعصي بإيش ؟ باختياره وبمشيئته وبه يتبين كمال العدل فنحن أصحاب العدل ولذلك هم عندهم أنهم هم أصحاب العدل وهذا في المعقول أقرب من مذهب من ؟ الجبرية لا شك ، وهو في الحقيقة هو الذي يشكل على الإنسان ولا الأول ما عاد مشكلة ما فيه إشكال الأول كل يعرف أنه يفعل باختياره ويترك لكن المشكل هذا لذا قالوا : إن الانسان يفعل فعلا مستقلا ما لله دخل فيه ليس لله فيه دخل ولا قدره الله يعني : ما شاءه ولا خلقه، كل منهما أي من الطائفتين عجز بطانه عن الجمع بين الشرع والعقل أما أهل السنة فقالوا : كل منكم معه حق الجبرية معهم حق وهو : أن كل شيء بقضاء الله وقدره وأن كل شيء مخلوق لله نوافق على هذا، والمعتزلة معهم حق في أن الإنسان يعمل باختياره فعلا وتركا ولا أحد يجبره في ظاهر الحال ، هو مريد مختار فاعل ، ولهذا إذا جاء الفعل بغير إرادته فإنه يعفى عنه لو أكره على الفعل فلا حكم على الفعل ، ولكننا نقول : إن هذا الفعل الاختياري الذي يقع منا نعلم علم اليقين أن الله قدره سابقا وأن الله خلقه لاحقا وعرفتم وجه خلق الله له ما وجهه ؟ أن فعل العبد ناشيء عن إرادة جازمة وقدرة والإرادة والقدرة مخلوقة لله عز وجل وما نشأ عن السبب فله .
لكن لما ضاق بطان القدرية وضاق بطان الجبرية عن الجمع بين المنقول والمعقول ذهبت الجبرية إلى المنقول وذهبت القدرية إلى المعقول . كيف المعقول الجبرية أخذوا بنصوص العموم في القضاء والقدر وقالوا : ليس للإنسان أي قدرة أو أي قوة أو أي إرادة والانسان مسكين مسيّر مكره مرغم فالذي ينزل من السطح في الدرج رويدا رويدا كالذي يُلقى من السطح بغير اجتهاده . هذا صحيح ؟ عقل لا يقولون : هذا الشرع لأن الكل بقضاء الله وقدره والإنسان مجبور قالوا : على تقديركم هذا يكون الله عز وجل ظالما لعباده حيث أجبرهم على فعل المعصية ثم عاقبهم عليها وهل هذا إلا عين الظلم ؟! تجبره على أن يفعل ثم تعذبه لو قلت لولدك مثلا : يلا كل هذا الخبز وأنت قد هيئته للضيوف خبزة وإدام هيأته للضيوف فقلت كل هذه الخبزة والإدام . قال : يا أبت هذا طعام الضيوف يأت الضيوف ما يجدون شيئا، قال: كل وإلا ضربتك أو قطعت رأسك أجبره حتى أكل أكل فلما أكل ضربه ليش تأكل طعام الضيوف ؟ فهذا ظلم ولا عدل ؟ ظلم واضح، كان يجبر بالأول ثم يعاقب على ما أجبر عليه. فقيل لهم : إذا قلتم إن الله مجبر الانسان على عمله ثم يعمل المعصيه قهرا ثم يعاقب عليها هذا ظلم قالوا : ما شاء الله الملك لمن ؟ لله ملك السموات والأرض، والمالك المطلق يتصرف في ملكه كما يشاء ولا يتصور الظلم في حقه لأنه تصرف في إيش ؟ في ملكه والمتصرف في ملكه ليس بظالم ولهذا قالوا : إن الظلم في حق الله مستحيل لعينه وفي ذلك قال ابن القيم في النونية : " والظلم عندهم المحال لذاته " ما يمكن الظلم، الظلم أن تتصرف في حق غيرك أما في حقك ما هو ظلم عرفتم فماذا نقول مع هؤلاء ؟ نقول إن هذا ظلم والله عز وجل قد نفاه عن نفسه فقال : (( وما ربك بظلام للعبيد )) وقال : (( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد )) وقال في الحديث القدسي : ( حرّمت الظلم على نفسي ) وهذا يدل على أن الظلم ممكن في ذاته وأنتم تقولون : مستحيل لذاته ، لأنه لولا إمكان بذاته ما صح أن يتمدح الله بانتفائه عنه، أليس كذلك ؟ فلولا أنه قادر على الظلم لكن تركه لكمال عدله لم يكن في انتفاء الظلم عنه مدح ، فالظلم ممكن في حق الله ممكن عقلا لكن شرعا لا يمكن وبمقتضى عدله لا يمكن. فالحاصل الآن يمكن الرد على إيش ؟ على الجبرية. جاءنا القدرية نكمل بحثنا لو تأخرنا قليلا ، جاءنا القدرية قالوا : نحن أصحاب المعقول والقدرية لاحظوا أنهم هم المعتزلة والمعتزلة عند كثير من الناس هم أصحاب العقول وهم النظار أصحاب النظر قالوا : نحن أسعد بالدليل من الجبرية المساكين ، كل إنسان يعرف أنه يفعل كما شاء ، (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) كل إنسان يعرف أن يخرج الى المسجد ويرجع إلى البيت ويخرج الى الدكان ويبيع ويشتري ولا يحس بأن أحدا يكرهه إطلاقا ولو قال : أريد أن أذهب إلى المكان الفلاني فقيل له : في هذا المكان سبع جائع وش يقول ؟ عدلت هل أحد أجبره على الإرادة الأولى وعلى الإرادة الثانية ؟ لا وقالوا : إننا إذا قلنا بذلك تبين كمال عدل الله عز وجل حيث عاقب من عصى لأن من يعصي يعصي بإيش ؟ باختياره وبمشيئته وبه يتبين كمال العدل فنحن أصحاب العدل ولذلك هم عندهم أنهم هم أصحاب العدل وهذا في المعقول أقرب من مذهب من ؟ الجبرية لا شك ، وهو في الحقيقة هو الذي يشكل على الإنسان ولا الأول ما عاد مشكلة ما فيه إشكال الأول كل يعرف أنه يفعل باختياره ويترك لكن المشكل هذا لذا قالوا : إن الانسان يفعل فعلا مستقلا ما لله دخل فيه ليس لله فيه دخل ولا قدره الله يعني : ما شاءه ولا خلقه، كل منهما أي من الطائفتين عجز بطانه عن الجمع بين الشرع والعقل أما أهل السنة فقالوا : كل منكم معه حق الجبرية معهم حق وهو : أن كل شيء بقضاء الله وقدره وأن كل شيء مخلوق لله نوافق على هذا، والمعتزلة معهم حق في أن الإنسان يعمل باختياره فعلا وتركا ولا أحد يجبره في ظاهر الحال ، هو مريد مختار فاعل ، ولهذا إذا جاء الفعل بغير إرادته فإنه يعفى عنه لو أكره على الفعل فلا حكم على الفعل ، ولكننا نقول : إن هذا الفعل الاختياري الذي يقع منا نعلم علم اليقين أن الله قدره سابقا وأن الله خلقه لاحقا وعرفتم وجه خلق الله له ما وجهه ؟ أن فعل العبد ناشيء عن إرادة جازمة وقدرة والإرادة والقدرة مخلوقة لله عز وجل وما نشأ عن السبب فله .