تتمة الشرح " وما ذكر في خلق أفعال العباد وأكسابهم لقوله تعالى وخلق كل شيء فقدره تقديرًا وقال مجاهد ما تنزل الملائكة إلا بالحق بالرسالة والعذاب ليسأل الصادقين عن صدقهم المبلغين المؤدين من الرسل وإنا له لحافظون عندنا والذي جاء بالصدق القرآن وصدق به المؤمن يقول يوم القيامة هذا الذي أعطيتني عملت بما فيه" حفظ
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله: وما ذكر في أفعال العباد وأكسابهم لقوله تعالى : (( وخلق كل شيء فقدره تقديرا )) وتكلمنا على (( خلق فقدر )) وقلنا أن المراد بالتقدير هنا التصغير وقال مجاهد : " ما تنزل الملائكة إلا بالحق " ولفظ الآية الكريمة : (( ما ننزل الملائكة الا بالحق )) ، يمكن يكون فيها قراءة ثانية ما أدري والمراد بالحق يقول بالرسالة والعذاب ، الرسالة التي بها التكليف والعذاب الذي به بيان الجزاء ولهذا كان القرآن مشتمل على الأحكام الشرعية وعلى العذاب لمن عصى وخالف، (( ليسأل الصادقين عن صدقهم )) (( ليسأل )) الفاعل من ؟ الله عز وجل (( الصادقين عن صدقهم )) يعني هل ما صدقوا به مطابق لفعلهم أو لا ، ومن الصادقين الرسل عليهم الصلاه والسلام كما قال تعالى : (( فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين )) ولهذا قال : المبلغين المؤدين من الرسل وهو سبحانه تعالى يسأل الرسل ويسأل المرسل إليهم ، المرسل إليهم يقول : (( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين )) يا لها من كلمه عظيمه فكّر في الإجابة عليها ، ماذا تقول يوم القيامة ؟ هل تقول أجبت بالسمع والطاعة والتصديق والقبول أم ماذا ؟ أما الرسل فيسألهم هل بلغوا أم لم يبلغوا فيشهدون بأنهم بلغوا ، قال عيسي حين سأله الله عز وجل : (( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به )) وإنا له حافظون في نسخة لحافظون، وهو موافق وهذه النسخة هي الموافقة للفظ الآية ، ما الذي تكفل الله بحفظه ؟ القرآن (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) ، أما أعمال بني آدم فقد قال الله تعالى : (( وإنا عليكم لحافظين كراما كاتبين )) وقال : (( إن كل نفس لما عليها حافظ )) قال : (( والذي جاء بالصدق )) أي القرآن ، (( وصدّق به )) المؤمن يشير إلى قوله تعالى : (( والذي جاء بالصدق وصدّق به اولئك هم المتقون )) فيقول الصدق هو القرآن وعلى هذا يكون الذي جاء بالصدق من ؟ الرسول عليه الصلاه والسلام لأنه هو الذي جاء بالقرآن ، وصدّق به المؤمن أي المرسل اليه وعلى هذا فيكون العطف هنا عطفا على مغايرة عطف مغاير على مغايره ، لأن الذي جاء بالصدق هو الرسول والذي صدّق به المؤمنون والصواب أن الآية أن مرجع الضميرين واحد وأن الذي جاء بالصدق وصدق به هو الرسول عليه الصلاه والسلام وورثته من العلماء جاؤوا بالصدق وصدقوا به فهم آتون بالصدق من قبل أنفسهم وكذلك مصدقون لمن قام البينة على صدقهم ، يقول يوم القيامة هذا الذي أعطيتني عملت به، فيكون يوم القيامة يأتي بالصدق مصدقا به والشاهد هذا كله يعود على ما ذكر من الإشارة إلى أن أفعال بني آدم مخلوقة لله ومنسوبة إليه ولهذا قال : (( والذي جاء بالصدق )) .