تتمة القراءة من الشرح مع تعليق الشيخ حفظ
القارئ : " وقد سئل ابن تيمية عن هذه المسألة مجردا فأجاب في فتاويه أن للعلماء في ذلك قولين ، واحتج للثاني من أوجه كثيرة ، منها قوله تعالى : (( لا مبدل لكلماته )) وهو معارض بقوله تعالى : (( فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه )) ولا يتعين الجمع بما ذكر من الحمل على اللفظ في النفي وعلى المعنى في الإثبات لجواز الحمل في النفي على الحكم وفي الإثبات على ما هو أعم من اللفظ والمعنى ، ومنها أن نسخ التوراة في الشرق والغرب والجنوب والشمال لا يختلف ومن المحال أن يقع التبديل فيتوارد النسخ بذلك على منهاج واحد ، وهذا استدلال عجيب ، لأنه إذا جاز وقوع التبديل جاز إعدام المبدل والنسخ الموجودة الآن هي التي استقر عليها الأمر عندهم عند التبديل والأخبار بذلك طافحة ، أما فيما يتعلق بالتوراة فلأن بختنصر لما غزا بيت المقدس وأهلك بني إسرائيل ومزقهم بين قتيل وأسير وأعدم كتبهم حتى جاء عزير فأملاها عليهم ، وأما فيما يتعلق بالإنجيل فإن الروم لما دخلوا في النصرانية جمع ملكهم أكابرهم على ما في الإنجيل الذي بأيديهم وتحريفهم المعاني لا ينكر بل هو موجود عندهم بكثره وإنما النزاع هل حرفت الألفاظ أو لا ؟ وقد وجد في الكتابين ما لا يجوز أن يكون بهذه الألفاظ من عند الله عز وجل أصلا. وقد سرد أبو محمد بن حزم في كتابه * الفصل في الملل والنحل * أشياء كثيرة من هذا الجنس ، من ذلك أنه ذكر أن في أول فصل من أول ورقة من توراة اليهود التي عند رهبانهم وقرائهم وعاناتهم وعيسويهم حيث كانوا في المشارق والمغارب لا يختلفون فيه على صفة واحدة لو رام أحد أن يزيد فيها لفظه أو ينقص منها لفظة لاقتضت عندهم متفق عليها متفق عليها عندهم بالأحبار الهارونية الذين كانوا قبل الخراب الثاني يذكرون أنها مبلغة من أولئك إلى عزرا الهاروني وأن الله تعالى قال لما أكل آدم من الشجرة هذا آدم قد صار كواحد منا في معرفة الخير والشر وأن السحرة عملوا لفرعون نظير ما أنزل عليهم من الدم والضفادع وأنهم عجزوا عن البعوض وأن ابنتي لوط بعد هلاك قومه ضاجعت كل منهما أباها بعد أن سقته الخمر ووطئت كل منهما فحملتا منه إلى غير ذلك من الأمور المنكرة المستبشعة وذكر في مواضع أخرى أن التبديل وقع فيها إلى أن أعدمت فأملاها عزرا المذكور على ما هي عليه الآن ثم ساق أشياء من نص التوراة التي بأيديهم الآن الكذب فيها ظاهر جدا ثم قال : وبلغنا عن قوم من المسلمين ينكرون أن التوراة والانجيل اللتين بأيدي اليهود والنصارى محرفات، والحامل لهم على ذلك قلة مبالاتهم بنصوص القرآن والسنة ، وقد اشتمل على أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون ويقال لهؤلاء المنكرين قد قال الله تعالى في صفة الصحابة : (( ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه )) إلى آخر السورة وليس بأيدي اليهود والنصاري شيء من هذا ، ويقال لمن ادعى أن نقلهم نقل متواتر قد اتفقوا على أن لا ذكر لمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتابين فإن صدقتموهم فيما أيديهم لكونه نقل نقلا متواتر فصدقوهم فيما زعموا أن لا ذكر لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه ، وإلا فلا يجوز تصديق بعض وتكذيب بعض مع مجيئهما مجيئا واحدا انتهى كلامه وفيه فوائد . وقال الشيخ بدر الدين الزركشي: اغتر بعض المتأثرين بهذا " .
الشيخ : الزركشي.
القارئ : " وقال بدر الدين الزركشي اغتر ".
" أو اعتز بعض المتأخرين بهذا يعني بما قال البخاري فقال إن في تحريف التوراة خلافاً هل هو في اللفظ والمعنى او في المعنى فقط ومال إلى الثاني ورأى جواز مطالعتها وهو قول باطل ولا خلاف أنهم حرفوا وبدلوا، والاشتغال بنظرها وكتابتها لا يجوز بالاجماع، وقد غضب صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال : ( لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي ) ولولا أنه معصية ما غضب فيه . قلت إن ثبت الإجماع فلا كلام فيه وقد قيده بالاشتغال بكتابتها ونظرها فإن أراد من يتشاغل بذلك دون غيره فلا يحصل المطلوب لأنه يُفهم أنه لو تشاغل بذلك مع تشاغله بغيره جاز ، وإن أراد مطلق التشاغل فهو محل النظر وفي وصفه المذكور بالبطلان مع تقدم نظر أيضا ، وقد نسب لوهب بن المنبه وهو من أعلم الناس في التوراة ونسب أيضا لابن عباس ترجمان القرآن وكان ينبغي له ترك الدفع بالصدر والتشاغل برد أدلة المخالف التي حكيتها وفي استدلاله على عدم جوازه الذي ادعي الإجماع فيه في قصة عمر نظر أيضا سأذكره بعد تخريحج الحديث المذكور وقد أخرجه أحمد البزار واللفظ له في حديث جابر قال: ( نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال له رجل من الأنصار ويحك يا ابن الخطاب ألا ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ) وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ولأحمد أيضا ولأبي يعلى من وجه آخر عن جابر : ( أن عمر أتى بكتاب أصابه من بعض كتب أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب ) فذكر نحوه دون قول الأنصاري وفيه : ( والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ) وفي سنده مجالد بن سعيد وهو ليّن وأخرجه الطبراني بسند فيه مجهول ومختلف فيه عن أبي الدرداء ومختلف فيه عن أبي الدرداء ( جاء عمر بجوامع من التوراة ) فذكر بنحوه وسمى الأنصاري الذي خاطب عمر عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وفيه ( لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني إذا ضللتم ضلالا بعيدا ) وأخرجه أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن ثابت قال : ( جاء عمر فقال يا رسول الله : إني مررت بأخٍ لي من بني قريظه فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعلنها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى عليه وسلم ) الحديث وفيه ( والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ) وأخرج أبو يعلى من طريق خالد بن عرفطة قال : ( كنت عند عمر فجاءه رجل من عبد القيس فضربه بعصا معه فقال مالي يا أمير المؤمنين ؟ قال أنت الذي نسخت كتاب دانيال قال: مرني بأمرك قال انطلق فامحه فلئن بلغني أنك قرأته أو أقرأته لأنهكنك عقوبه، ثم قال انطلقت فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به ثم جئت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا ؟ قلت كتاب انتسخته لتزداد به علما إلى علمنا ) ".
الشيخ : لنزداد.
القارئ : " ( لنزداد به علما إلى علمنا فغضب حتى احمرت وجنتاه فذكر قصة فيها يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي الكلام اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيه فلا تتهوكوا ) وفي سنده عبد الرحمن بن إسحق الواسطي وهو ضعيف وهذه جميع الطرق هذا الحديث وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا والذي يظهر أن كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريف ولولا في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصير " .
الشيخ : ويَصِر.
القارئ : " ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ لا يجوز له ولا سيما عند الاختيار من الرد على المخالف ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يستخرجونه من كتابهم ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه لما فعلوه وتواردوا عليه وأما استدلالهم التحريم فيما ورد من الغضب ودعواه أنه لو لم يكن ناصيه ما غضب منه فهو معترف أنه قد يغضب من فعل مكروه ومن فعل ما هو خلاف الأولى إذا صدر مما لا يليق منه ذلك كغضبه من تطويل معاذ صلاة الصبح بالقراءة وقد يغضب من يقع منه تقصير في فهم الأمر الواضح مثل الذي سأل عن لقطة الإبل وقد تقدم في كتاب العلم الغضب في الموعظه ومضى في كتاب الأدب ما يجوز من غضب قوله : يتأولونه ".
الشيخ : نعم .
الشيخ : الزركشي.
القارئ : " وقال بدر الدين الزركشي اغتر ".
" أو اعتز بعض المتأخرين بهذا يعني بما قال البخاري فقال إن في تحريف التوراة خلافاً هل هو في اللفظ والمعنى او في المعنى فقط ومال إلى الثاني ورأى جواز مطالعتها وهو قول باطل ولا خلاف أنهم حرفوا وبدلوا، والاشتغال بنظرها وكتابتها لا يجوز بالاجماع، وقد غضب صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال : ( لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي ) ولولا أنه معصية ما غضب فيه . قلت إن ثبت الإجماع فلا كلام فيه وقد قيده بالاشتغال بكتابتها ونظرها فإن أراد من يتشاغل بذلك دون غيره فلا يحصل المطلوب لأنه يُفهم أنه لو تشاغل بذلك مع تشاغله بغيره جاز ، وإن أراد مطلق التشاغل فهو محل النظر وفي وصفه المذكور بالبطلان مع تقدم نظر أيضا ، وقد نسب لوهب بن المنبه وهو من أعلم الناس في التوراة ونسب أيضا لابن عباس ترجمان القرآن وكان ينبغي له ترك الدفع بالصدر والتشاغل برد أدلة المخالف التي حكيتها وفي استدلاله على عدم جوازه الذي ادعي الإجماع فيه في قصة عمر نظر أيضا سأذكره بعد تخريحج الحديث المذكور وقد أخرجه أحمد البزار واللفظ له في حديث جابر قال: ( نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال له رجل من الأنصار ويحك يا ابن الخطاب ألا ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ) وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ولأحمد أيضا ولأبي يعلى من وجه آخر عن جابر : ( أن عمر أتى بكتاب أصابه من بعض كتب أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب ) فذكر نحوه دون قول الأنصاري وفيه : ( والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ) وفي سنده مجالد بن سعيد وهو ليّن وأخرجه الطبراني بسند فيه مجهول ومختلف فيه عن أبي الدرداء ومختلف فيه عن أبي الدرداء ( جاء عمر بجوامع من التوراة ) فذكر بنحوه وسمى الأنصاري الذي خاطب عمر عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وفيه ( لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني إذا ضللتم ضلالا بعيدا ) وأخرجه أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن ثابت قال : ( جاء عمر فقال يا رسول الله : إني مررت بأخٍ لي من بني قريظه فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعلنها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى عليه وسلم ) الحديث وفيه ( والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ) وأخرج أبو يعلى من طريق خالد بن عرفطة قال : ( كنت عند عمر فجاءه رجل من عبد القيس فضربه بعصا معه فقال مالي يا أمير المؤمنين ؟ قال أنت الذي نسخت كتاب دانيال قال: مرني بأمرك قال انطلق فامحه فلئن بلغني أنك قرأته أو أقرأته لأنهكنك عقوبه، ثم قال انطلقت فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به ثم جئت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا ؟ قلت كتاب انتسخته لتزداد به علما إلى علمنا ) ".
الشيخ : لنزداد.
القارئ : " ( لنزداد به علما إلى علمنا فغضب حتى احمرت وجنتاه فذكر قصة فيها يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي الكلام اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيه فلا تتهوكوا ) وفي سنده عبد الرحمن بن إسحق الواسطي وهو ضعيف وهذه جميع الطرق هذا الحديث وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا والذي يظهر أن كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريف ولولا في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصير " .
الشيخ : ويَصِر.
القارئ : " ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ لا يجوز له ولا سيما عند الاختيار من الرد على المخالف ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يستخرجونه من كتابهم ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه لما فعلوه وتواردوا عليه وأما استدلالهم التحريم فيما ورد من الغضب ودعواه أنه لو لم يكن ناصيه ما غضب منه فهو معترف أنه قد يغضب من فعل مكروه ومن فعل ما هو خلاف الأولى إذا صدر مما لا يليق منه ذلك كغضبه من تطويل معاذ صلاة الصبح بالقراءة وقد يغضب من يقع منه تقصير في فهم الأمر الواضح مثل الذي سأل عن لقطة الإبل وقد تقدم في كتاب العلم الغضب في الموعظه ومضى في كتاب الأدب ما يجوز من غضب قوله : يتأولونه ".
الشيخ : نعم .