نحن مجموعة من المواطنين أتيحت لنا فرصة الاقتراض من البنك العقاري ونريد أن نبيع أملاكنا التي قد رهنها البنك العقاري بشرط أن يلتزم المشتري بتسديد ما في ذممنا للبنك فهل يجوز لنا التصرف في البيع وإذا لم يجز فما هو المخرج أو الحل من ذلك ؟ حفظ
السائل : نحن مجموعة من المواطنين أتيحت لنا فرصة الاقتراض من البنك العقاري ونريد أن نبيع أملاكنا التي قد رهنها البنك العقاري بشرط أن يلتزم المشتري بتسديد ما في ذممنا للبنك فهل يجوز لنا التصرف بالبيع وإذا لم يجز فما هو المخرج أو الحل من ذلك؟
الشيخ : يجوز لكم أن تتصرفوا فيها بالبيع بشرط أن يأذن لكم المسؤولون في صندوق التنمية، فإذا أذنوا لكم فلا حرج، أو بطريقة أخرى وهي أن توفوا الصندوق حتى يتحرر العقار من الرهن، فإذا تحرر العقار من الرهن فلا بأس ببيعه حينئذٍ، لأنه لا حق لأحد فيه، أما إذا لم يأذن الصندوق بالتصرف فيه بالبيع ولم تفكوا رهنه بإيفاء فإنه لا يحل لكم أن تبيعوه.
السائل : نعم.
الشيخ : أولاً لأنه مرهون، والمرهون مشغول بحق الراهن، ولا يجوز بيعه، لأن ذلك يكون سبباً لمشاكل كثيرة، ربما يضيع حق الصندوق بمثل هذا التصرف.
وثانياً لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالوفاء بالعقود فقال تعالى (( يا أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود )) وأمر بالوفاء بالعهد فقال (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً )) . وأنت قد عقدت مع الصندوق عقداً مقتضاه ألا تتصرف في هذا الرهن بدون إذنه، ثم إنه زيادة على ذلك قد اشترط في وثيقة العقد مع الصندوق في إحدى المواد أن المستفيد لا يتصرف فيه ببيع ولا غيره، وهذا الشرط قد قبله الراهن صاحب العقار ووقع عليه والتزم به، فيجب عليه أن يوفي بما التزم به، فالوفاء للصندوق إن التزمت به شرطاً وبما يلزمك شرعاً أمر واجب عليك، لأنك سوف تسأل عنه، وأما من تساهل في ذلك وباعه بحجة أن جمهور العلماء يرون أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وأن هذا العقار ليس مقبوضاً من قبل الصندوق لأنه بيد صاحبه، فهذا التساهل فيه نظر من وجهين.
الوجه الأول أن هذا الراهن قد التزم شرطاً على نفسه، وهو أنه لا يتصرف فيه ببيع ولا غيره.
السائل : نعم.
الشيخ : فهو قد التزم بذلك، ولو فرضنا أن هذا ليس مقتضى الرهن المطلق إذا لم يُقبض، فإن هذا التزام شرط لا ينافي الكتاب ولا السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) ومفهومه كل شرط لا يخالف كتاب الله فهو حق وثابت.
السائل : نعم.
الشيخ : وفي الحديث الذي في السنن المشهور ( المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) .
الوجه الثاني أن القول الصحيح في هذه المسألة أن الرهن يلزم ولو بدون القبض، إذ لا دليل على وجوب قبضه إلا قوله تعالى (( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ )) . وفي الحقيقة أن هذه الأية يرشد الله فيها الإنسان إلى التوثق من حقه في مثل هذه الحال، إذا كان على سفر ولم يجد كاتباً ولا طريقة إلى التوثق بحقه في مثل هذه الحال إلا برهن مقبوض لأنه لو ارتهن شيئاً ولم يقبضه لكان يمكن أن ينكر الراهن ذلك الرهن كما أنه يمكن أن ينكر أصل الدين.
السائل : نعم.
الشيخ : ومن أجل أنه يمكن أن ينكر أصل الدين أرشد الله تعالى إلى الرهن المقبوض.
فإذاً لا طريق إلى التوثق بحقه في مثل هذه الحال إلا إذا كان الرهن مقبوضاً.
ثم إن ءاخر الأية يدل على أنه إذا لم يقبض وجب على من اؤتمن عليه أن يؤدي أمانته فيه، لأنه قال (( فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤدِ الذي اؤتمن أمانته )) .
السائل : نعم.
الشيخ : وإذا كان كذلك فإن المرتهن قد أمن الراهن بإبقائه عنده، فإذا كان قد ائتمنه فإن واجب الراهن أن يؤدي أمانته وأن يتقي الله ربه.
ثم إن عمل الناس عندنا على هذا، فإن صاحب البستان يستدين لتقويم بستانه وبستانه بيده، وصاحب السيارة يرهن سيارته وهي في يده يكدها وينتفع بها.
السائل : نعم.
الشيخ : وكذلك صاحب البيت يرهنه لغيره وهو ساكنه. والناس يعدون هذا رهناً لازماً، ويرون أنه لا يمكن للراهن أن يتصرف فيه بالبيع.
فالقول الصواب في هذه المسألة أن الرهن يلزم وإن لم يُقبض متى كان معيناً، وهذا العقار الذي استدين من صندوق التنمية له هو رهن معين قائم، فالرهن فيه لازم وإن كان تحت يد الراهن.
السائل : نعم.
الشيخ : إذن فلا يجوز لمن استسلف من صندوق التنمية أن يبيع عقاره الذي استسلف له إلا في إحدى الحالين السابقين، أن يستأذن من المسؤولين في البنك ويأذنوا له، أو أن يوفي البنك ويحرر العقار من الرهن.
السائل : نعم.
الشيخ : والله الموفق.
السائل : أحسنتم.